للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زياد بن أبي الجَعْد، عن جامع بن شَدّاد، عن طارق بن عبد الله المُحاربي ببعضه. ورواه الحافظ البيهقي (١)، أيضًا عن الحاكم، عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن يزيد بن زياد، عن جامع، عن طارق بطوله، كما تَقَدَّم، وقال فيه: فقالت الظَّعينةُ: لا تَلاوَموا، فلقد رأيتُ وجهَ رجلٍ لا يَغْدِرُ ما رأيتُ شيئًا أشبهَ بالقمرِ ليلة البدر من وجهه.

قدومُ وافدِ فَرْوةَ بن عَمْرو الحُذامي (٢)، صاحب بلاد مَعَان (٣)

قال ابن إسحاق (٤): وبعث فروةُ بن عمرو بن النافرة الجُذامي ثم النُّفاتي (٥) إلى رسول الله رسولًا بإسلامه، وأهدى له بغلةً بيضاءَ، وكان فروةُ عاملًا للرّوم على مَنْ يليهم من العرب، وكان منزلُه مَعَان وما حولها من أرض الشام، فلما بلغَ الرومَ ذلك مِنْ إسلامه طلبوه حتى أخذوه، فحَبَسوه عندهم، فقال في محبِسِه ذلك: [الكامل]

طَرَقَتْ سُلَيْمَى مَوْهِنًا أصْحَابي … وَالرُّومُ بَيْنَ البَاب وَالقِروان (٦)

صَدَّ الخَيَالُ وسَاءَهُ ما قَدْ رَأَى … وَهَمَمْتُ أنْ أُغْفي وَقَدْ أبْكَاني

لا تَكْحَلِنَّ العَيْنَ بَعْدِيَ إثمِدًا … سَلْمَى ولا تَدْنِنَّ (٧) للإتْيَان

وَلَقَدْ عَلِمْتَ أبا كُبَيْشَةَ أنَّني … وَسْطَ الأعِزَّة لا يُحَصُّ لِسَاني (٨)

فَلَئِنْ هَلَكْتُ لتَفْقِدُنَّ أخَاكُمُ … وَلَئِنْ بَقِيْتُ لتعْرِفُنَّ مَكَاني

وَلَقَدْ جَمَعْتُ أجلَّ ما جَمَعَ الفتى … مِنْ جَوْدَةٍ وَشَجَاعةٍ وبَيَانِ

قال: فلما أجمعت الروم على صلبه على ماءٍ لهم يقال له عِفْرَي (٩) بفلسطين قال: [الطويل]

ألا هَل أتَى سَلْمى بأنَّ حلَيلَهَا … عَلَى مَاءِ عِفْرى فَوْقَ إحْدَى الرَّوَاحِلِ


(١) دلائل النبوة (٥/ ٣٨١).
(٢) الإصابة (٣/ ٢١٣) وفيه: "فروة بن عامر الجذامي أو ابن عمرو وهو أشهر".
(٣) معان: بالفتح وآخره نون، والمحدّثون يقولونه بالضم: مدينة في طرف بادية الشام تلقاء الحجاز من نواحي البلقاء (معجم البلدان).
(٤) سيرة ابن هشام (٤/ ٢٦١ - ٢٦٢).
(٥) أسد الغابة (٤/ ١٧٨).
(٦) الوهن: نحو من نصف الليل أو بعد ساعة منه كالمَوْهِن (القاموس: وهن) القروان: جمع قرو، وهو شبه حوض ترده الإبل (اللسان: قرا).
(٧) في السيرة: (ولا تدين).
(٨) لا يحصّ لساني: أي لا يقطع.
(٩) معجم البلدان، وأورد في البيتين.