للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة ثلاثٍ من الهجرة

في أوّلها كانت غزوة نجدٍ، ويقال لها: غزوة ذي أمرّ (١).

قال ابن إسحاق (٢): فلما رجع رسول اللَّه من غزوة السّويق أقام بالمدينة بقية ذي الحجّة أو قريبًا منها، ثم غزا نجدًا يريد غطفان، وهي غزوة ذي أمرّ.

قال ابن هشامٍ (٣): واستعمل على المدينة عثمان بن عفَّان.

قال ابن إسحاق: فأقام بنجدٍ صفَرًا كلّه أو قريبًا من ذلك، ثم رجع ولم يلق كيدًا.

وقال الواقديّ (٤): بلغ رسولَ اللَّه أن جمعًا من غطفان من بني ثعلبة بن محاربٍ تجمّعوا بذي أمرّ يريدون حربه، فخرج إليهم من المدينة يوم الخميس لثنتي عشرة ليلةً خلت من ربيعٍ الأول سنة ثلاثٍ، واستعمل على المدينة عثمان بن عفان، فغاب أحد عشر يومًا، وكان معه أربعمئةٍ وخمسون رجلًا، وهربت منه الأعراب في رؤوس الجبال، حتى بلغ ماءً يقال له: ذو أمرّ فعسكر به، وأصابهم مطرٌ كثيرٌ، فابتلّت ثياب رسول اللَّه ، فنزل تحت شجرةٍ هناك، ونثر ثيابه لتجفّ، وذلك بمرأى من المشركين، واشتغل المسلمون في شؤونهم، فبعث المشركون رجلًا شجاعًا منهم، يقال له غورث بن الحارث أو دعثور بن الحارث. فقالوا: قد أمكنك اللَّه من قتل محمدٍ. فذهب ذلك الرجل، ومعه سيفٌ صقيلٌ، حتى قام على رسول اللَّه بالسيف مشهورًا، فقال: يا محمد، من يمنعك مني اليوم؟ قال: "اللَّه". ودفع جبريل في صدره فوقع السيف من يده، فأخذه رسول اللَّه ، فقال: "من يمنعك مني؟ ". قال: لا أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، واللَّه لا أكثّر عليك جمعًا أبدًا. فأعطاه رسول اللَّه سيفه، فلمّا رجع إلى أصحابه، فقالوا: ويلك، ما لك؟ فقال: نظرت إلى رجلٍ طويلٍ فدفع في صدري، فوقعت لظهري، فعرفت أنه ملَكٌ، وشهدت أن محمدًا رسول اللَّه، واللَّه لا أكثر عليه جمعًا، وجعل يدعو قومه إلى الإسلام. قالوا: ونزل في ذلك قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا


(١) انظر ما قاله شيخنا العلّامة حمد الجاسر في ضبطه لاسم هذا الموقع فيما علَّقه على "المغانم المطابة" للفيروزابادي ص (٢٣ - ٢٤).
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن إسحاق ص (٢٩٣).
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٦) و"عيون الأثر" (١/ ٤٥٤).
(٤) انظر "المغازي" (١/ ١٩٤) و"عيون الأثر" (١/ ٤٥٤).