الحمد للَّه الذي خلق فسَوَّى، وقدَّر فهدى، وجمع فأوعى.
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، وعلى رسوله محمد بن عبد اللَّه المجتبى، وآله الشُّرفا، وأصحابه نجوم الهُدَى ورجوم العِدَى، ومن تبعهم بإحسان ووفَّى ووفَى.
وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الأسماء الحسنى، أمات وأحيا، وجعل لكل أمة تاريخًا وأجلًا مسمَّى. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله وحبيبه، صاحب المقام المحمود والشفاعة الكبرى، المبعوث إلى الخليقة جميعًا بالإنذار والبُشْرى.
وبعد:
• أهمية العمل ومبرراته:
فإن النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري قد شهد صحوة إسلامية فكرية وثقافية، واهتمامًا ملحوظًا بالكتب المطبوعة والمحقَّقة، على وفق أحدث الطرق الطباعية الحديثة، والإخراج الفني المتطور، والتجليد المتقن الفاخر، وظهرت أمَّات الكتب في التفسير والحديث والسيرة والتاريخ والتراجم، موثَّقة ومفهرسة، وبأجمل شكل وبأصدق مضمون، مثل: تهذيب الكمال للمِزي، وجامع الأصول؛ لابن الأثير، وزاد المعاد؛ لابن قيم الجوزية، وسير أعلام النبلاء للذهبي، والتفسير والتاريخ؛ للإمام الطبري، وغيرها.
وكان النصح إلى أصحاب دور النشر الكبيرة أن يتطلعوا إلى الكتب والمراجع في جميع مناحي الثقافة الإسلامية، وإحياء مخطوطاتها المنسية، وإعادة تحقيق الكتب المطبوعة من غير توثيق ولا تعليق ولا فهارس، والاستفادة من المخطوطات المشرقية، والمخطوطات المكتشفة حديثًا بعد أن كانت ضائعة أو مجهولة.
على أنَّه يتعين علينا أن نشير إلى أن العرب المسلمين حين تنبهوا إلى أهمية تراثهم وبدؤوا بنشره منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كانت المطابع الكبرى تعهد إلى مصححين من كبار العلماء لضبط النصوص وتصحيحها، فأخرجت مطبعة بولاق بمصر نفائس من هذا التراث وتبعتها دار الكتب المصرية وغيرها من المؤسسات المعتبرة.