كتاب البداية والنهاية - ط دار ابن كثير

ثم دخلت سنة تسعين ومئة من الهجرة - وفيها توفي - ج: 10 - ص: 484

تركتُ النبيذَ لأهلِ النبيذِ … وأصبحتُ أشربُ ماءً قَرَاحا

لأنَّ النبيذَ يُذلُّ العزيزَ … ويَكْسُو السوادَ الوجوهَ الصِّبَاحا

فإنْ كان ذا جائزًا للشبابِ … فما العُذْرُ منه إذا الشَّيبُ لاحا

قال الأصمعي: فقلتُ له: صدقتَ. أنتَ العاقلُ وهو المجنون.

وعُبيدة بنُ حُميد بن صُهيب (١) أبو عبد الرحمن التَّيْمي (٢)، الكوفي، مؤدِّبُ الأمين. روى عن الأعمش وغيرِه. وعنه أحمدُ بن حنبل، وكان يُثْني عليه.

[وفيها توفي]

يحيى بن خالد بن بَرْمَك (٣) أبو علي الوزير، والدُ جعفرٍ البَرْمكي، ضمَّ إليه المهديُّ ولَدَهُ الرشيدَ فربَّاهُ، وأرضعَتْهُ امرأتُهُ مع الفضلِ بنِ يحيى، فلمَّا وُلَي الرشيد، عرف له حقَه، وكان يقول: قال أبي، قال أبي. وفوَّضَ إليه أمورَ الخلافةِ وأزِفَتَها، ولم يزَلْ كذلك حتى نُكِبَتِ البرامكة، فقتل جعفرًا (٤)، وخَلَّدَ أباه يحيى في الحبسِ حتى ماتَ في هذه السنة. وكان كريمًا فَصِيحًا ذا رأيٍ سديد، يظهَرُ من أمورِهِ خيرٌ وصلاح.

قال يومًا لولَدِهِ: خُذوا من كلِّ شيء طَرَفًا، فإنَّ منْ جَهِل شيئًا عاداه. وقال لأولاده: اكتبوا أحسنَ ما تسمعون، واحفظوا أحسنَ ما تكتبون، وتحدَّثوا بأحسنِ ما تحفظون. وكان يقولُ لهم: إذا أقبلتِ الدنيا فأنفِقوا منها، فإنَّها لا تبقَى، وإذا أدْبَرَتْ فانِفقوا منها فإنَّها لا تبقَى (٥).

---

(١) ترجمته في طبقات ابن سعد (٧/ ٣٢٩)، بحر الدم للإمام أحمد (٢٨٨)، التاريخ الكبير للبخاري (٦/ ٨٦)، الكنى والأسماء لمسلم (١/ ٥٢٦)، معرفة الثقات للعجلي (٢/ ١٢٣)، الطبقات للنسائي (١٣٢)، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان البستي (١٧١)، الثقات له (٧/ ١٦٢)، الجرح والتعديل (٦/ ٩٢)، رجال صحيح البخاري للكلاباذي (٢/ ٥٠٥)، تسمية من أخرج له البخاري ومسلم للحاكم (١٩٢)، التعديل والتجريح للباجي (٢/ ٩٣٣)، تاريخ بغداد (١١/ ١٢٠)، تهذيب الكمال (١٩/ ٢٥٧)، ميزان الاعتدال (٥/ ٣٣)، تذكرة الحفاظ (١/ ٣١١)، سير أعلام النبلاء (٨/ ٥٠٨)، الكاشف (١/ ٦٩٤)، لسان الميزان (٧/ ٣٠٠)، تقرب التهذيب (٣٧٩)، طبقات الحفاظ (١٣٥).
(٢) في (ق): "التميمي"، وهو تصحيف، والمثبت من (ب، ح) ومصادر ترجمته.
(٣) ترجمته في تاريخ بغداد (١٤/ ١٢٨)، المنتظم لابن الجوزي (٩/ ١٨٨)، وفيات الأعيان (٦/ ٢١٩)، سير أعلام النبلاء (٩/ ٨٩)، العبر (١/ ٣٠٦)، النجوم الزاهرة (٢/ ١٣٣).
(٤) في (ح، ق): "جعفر"، والمثبت من (ب)، والضمير في قتل عائد على الرشيد.
(٥) تقدم هذا القول في ترجمة ابنه جعفر ص (٤٧٠).