للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

امرأةٍ من نسائهِ أوقيَّةً من ذلك المِسْكِ، وأعطى سائره أُمَّ سلمة، وأعطاها الحُلّة، والله أعلم.

* * *

غَزْوَةُ الفتح الأعظم (١) وكانت في رمضان سنة ثمان

وقد ذكرها الله تعالى في القرآن في غير موضع، فقال تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ الآية [الحديد: ١٠].

وقال تعالى ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾: [النصر: ١ - ٣].

وكان سبب الفتح بعد هُدنة الحُديبية ما ذكره محمد بن إسحاق، حدثني الزُّهريُّ، عن عُرْوَة بن الزّبير، عن المسور بن مَخْرَمَة، ومروان بن الحكم، أنهما حدَّثاه جميعًا قالا: كان في صُلح الحُديبية أنه من شاء أن يدخُل في عقد محمدٍ وعهده دخل، ومن شاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل، فتواثبت خُزَاعَة وقالوا: نحن ندخل في عقد محمدٍ وعهده. وتواثبت بنو بكر وقالوا: نحن ندخل في عقد قريش وعهدهم. فمكثوا في تلك الهُدنة نحو السبعة أو الثمانية عثر شهرًا، ثم إن بني بكر وثبوا على خُزَاعة ليلًا، بماءً يقال له: الوتير. وهو قريب من مكة، وقالت قريش: ما يعلم بنا محمدٌ، وهذا الليل وما يرانا أحد. فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح، وقاتلوهم معهم، للضِّغن على رسول الله ، وإنَّ عمرو بن سالم ركب عندما كان من أمر خُزَاعَة وبني بكر بالوتير، حتى قدم على رسول الله يخبره الخبر، وقد قال أبيات شعر، فلما قدم على رسول الله أنشده إياها: [من الرجز]

لا هُمَّ إني ناشدٌ محمدا … حِلْفَ أبيه وأبينا الأتلَدَا

قد كنتم وُلدًا وكنا والدا … ثُمَّت أسلمنا فلم ننزع يدا

فانصر رَسُولَ الله نصرًا أعتدا (٢) … وادعُ عباد الله يأتوا مَدَدا

فيهم رسولُ الله قد تجرَّدا … إن سِيمَ خسفًا وجههُ تَرَبَّدَا


(١) انظر خبرها في "عيون الأثر" (٢/ ٢٢٣) و"زاد المعاد" (٣/ ٣٤٧) و "الفصول في سيرة الرسول" ص (١٩٥) و"شذرات الذهب" (١/ ١٢٧) بتحقيقي و"صحيح السيرة النبوية" (٢/ ٤٧٣).
(٢) أي: نصرًا حاضرًا.