للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَعْدٍ، وَالشَّعْبي، وغَيْرِهمْ. وعنه جَماعة، منْهُمْ حَفْصُ بنُ غياث، وعبدُ اللهِ بنُ إدْريسَ، وهُشَيْمٌ. قال الإمامُ أحمدُ: ليْسَ بشيءٍ، مُنْكرُ الحديثِ، وكَذّبهُ في رِوَايتِهِ عنِ النُّعْمانِ بنِ سَعْدٍ، عن المُغيرَةِ بن شُعْبَةَ في أحَاديثَ رَفَعَها. وكذلك ضعَّفَهُ يَحْيَى بنُ مَعينٍ، ومحمد بنُ سعْدِ، ويعقوب بن سفْيانَ، وَالبُخاريّ، وأبو دَاود، وأبو حاتِمٍ، وأبو زُرْعَةَ، وَالنّسَائيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابنُ عَديّ وغيرُهُمْ، وَقَدِ اسْتَقْصيتُ كلامَهُمْ فيه مفصلًا في "التَّكميلِ"، وللهِ الْحمدُ وَالمِنَّةُ.

ومِثْلُ هذا الرَّجُلِ لا يُقْبَلُ مِنْهُ ما تَفَرَّدَ به، ولا سيَّمَا هذا الحديثُ، فإنّهُ مُنْكرٌ جدًّا، وأحْسَنُ أحْوَالِهِ أنْ يكُونَ سَمِعَ شيئًا ولم يَفْهَمْهُ جَيِّدًا، فعبَّر عنْهُ بعبارةٍ ناقصةٍ، ويكُونُ أصْلُ الحديث كما ذكرنا في رِوَايةِ ابنِ أبي العِشْرين الدِّمَشْقيّ، عن الأوْزَاعيّ، عن حسَّانَ بنِ عطيَّةَ، عنْ سَعيد بنِ المُسَيَّبِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ؛ في سُوقِ الجَنَّةِ، والله أعلم.

وقد رُويَ من وجهٍ آخَرَ غريبٍ، فقال محمد بنُ عبدِ اللهِ الحضْرَميُّ، الحافظُ المَعْرُوفُ بِمُطَيَّن: حدّثنا أحمدُ بن محمدِ بن طَريفٍ البَجَليّ، حدّثنا أبي، حدّثنا محمَّدُ بنُ كثيرٍ، حدّثني جابرٌ الْجُعفيُّ، عن أبي جَعْفرٍ، عن علي بن الحُسينِ، عن جابر بن عبدِ اللهِ، قال: خَرَجَ علينا رسولُ الله ونحنُ مُجْتَمِعُونَ، فقال: "يا مَعْشرَ المُسْلمينَ، إنَّ في الجَنَّة لسُوقًا ما يُباعُ فيها ولا يُشْتَرى إلّا الصُّور، فمنْ أحبَّ صُورةً منْ رَجُلٍ أوِ امْرأةٍ دَخَلَ فيها".

جابرُ بنُ يزيدَ الجُعْفيّ ضعيفُ الحديثِ، والله تعالى أعلمُ.

ذكر ريح الجنَّة وطيبه وانتشاره حتى إنه يُشَمُّ من سنين عديدة، ومسافة بعيدة

قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (٤) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (٥) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾ [محمد: ٤ - ٦] قال بَعْضُهُمْ: أيْ طَيَّبَها لهم؛ من العَرْف، وهُو الريح الطيبة.

وقال أبو داودَ الطَّيَالسيُّ: حدّثنا شُعْبَةُ، عن الحَكَمِ، عن مُجَاهِدٍ، عن عبدِ الله بنِ عَمْرِو بن العَاصِ، عن النبي قال: "من ادَّعَى إلى غيرِ أبيهِ، لم يَرَحْ رَائحةَ الجَنّةِ، وإنَّ رِيحَها ليُوجدُ منْ مَسِيرَةِ خمسين عامًا". وَروَاهُ أحمدُ، عن غُنْدَرٍ، عن شُعْبةَ، وقالَ: "سبعين عامًا" (١).

وقال أحمد: حدّثنا وَهْبُ بنُ جَريرٍ، حدّثنا شُعْبَة، عن الحَكَمِ، عن مُجاهدٍ، قال: أراد فُلانٌ أنْ يُدْعى جُنادَةَ بن أبي أُمَيَّةَ، فقال عبدُ اللهِ بن عَمْرٍو، قال رسولُ الله : "من ادَّعَى إلى غيرِ أبيهِ لم يَرَحْ رائحةَ الجَنَّةِ، وإنَّ ريحَها لَيُوجدُ منْ قَدْرِ سبعين عامًا، أو مسيرة سبعين عامًا"


(١) رواه أبو داود الطيالسي في مسنده (٢٢٧٤) واْحمد في المسند (٢/ ١٩٤) وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>