للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا هبت الأرياحُ من نحوِ جانبٍ … بهِ أهلُ مَيٍّ هاجَ شَوْقِي هُبوبُها

هَوًى تَذْرِفُ العَيْنانِ منه وإنما … هَوَى كلِّ نفسِ أينَ حَلَّ حَبِيبُها (١)

[ثم دخلت سنة ثماني عشرة ومئة]

فيها غزا معاويةُ وسليمانُ ابنا أميرِ المؤمنين هشامِ بن عبد الملك بلادَ الرُّوم. وفيها قصَدَ شخصٌ يُقال له عمار بن يزيد، ثم تَسَمَّى بِخِدَاش إلى بلادِ خُراسان، ودعا الناسَ إلى خلافةِ محمدِ بنِ علي بن عبد اللّه بن عباس، فاستجابَ لَهُ خَلْقٌ كثير، فلما التفُّوا عليه دعاهم إلى مَذْهَبِ الخُرَّمِيَّةِ الزنادقة (٢) وأباح لهم نساءَ بعضِهم بعضًا، وزعم لهم أنَّ محمد بن علي يقول ذلك، وقد كذَبَ عليه، فأظهر اللّه عليه الدولةَ فأُخذ فجيءَ به إلى خالد بن عبد اللّه القَسْري أميرِ العراق وخُراسان، فامر به فقُطعَتْ يدُه، وسُلَّ (٣) لسانُه، ثم صُلب بعدَ ذلك (٤).

وفيها حجَّ بالناس محمد بن هشام بن إسماعيل المخزومي، أمير المدينة ومكة والطائف.

وقيل إنَّ إمْرَةَ المدينة كانتْ مع خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم، والصحيح أنه كان قد عُزل ووُلِّي مكانَهُ محمد بن هشام بن إسماعيل، وكانتْ إمْرَةُ العراق إلى خالد بن عبد اللّه القَسْري، ونائبه على خراسان وأعمالها أخوهُ أسد بن عبد الله القسري.

وفيها كانت وَفَاةُ:

عليِّ بنِ عبدِ اللّهِ بنِ عباس (٥) بن عبد المطلب: القرشيُّ الهاشميُّ أبو الحسن، ويُقال أبو محمد، وأمُّه


(١) وهذه زيادة مقحمة أيضًا وهي:
[وأنشدَ عند الموت:
يا قابض الرُّوح في جسمي إذا احتُضِرَتْ … وغافرَ الذنبِ زَحْزِحْني عن النَّارِ]
(٢) الخُرَّمِيَّة: وخُرَم: لفظ أعجمي يُنبي عن الشيء المستلَذّ المستطاب، الذي يرتاح الإنسان له، ومقصود هذا الاسم تسليطُ اللسانِ على اتباع اللذّات وطلب الشهوات كيف كانتْ، وطيُّ بساطِ التكليف، وحطُّ أعباء الشرع عن العِبَاد. وقد كان هذا الاسم لقبًا للمَزْدَكية، وهم أهلُ الإباحةِ من المجوس الذين اتبعوا في أيام قُبَاذ، وأباحوا النساء المحرّمات، وأحلّوا كل محظور، فسُمُّوا هؤلاء بهذا الاسم لمشابهتهم إياهم في نهاية هذا المذهب وإن خالفوهم في مقدماته. تلبيس إبليس ص (١٢٨).
(٣) في (ح): "وانتثل"، وفي (ب): و "وأرسل"، والمثبت من (ق).
(٤) انظر تاريخ الطبري (٤/ ١٦٤) في حوادث هذه السنة.
(٥) ترجمته في طبقات ابن سعد (٥/ ٣١٢)، طبقات خليفة (٢٣٩ و ٢٥٥)، تاريخ خليفة (١٩٩ و ٣٤٩)، التاريخ الكبير (٦/ ٢٨٢)، المعرفة والتاريخ (٢/ ٣٨١)، تاريخ أبي زرعة الدمشقي (٢/ ٧١٣)، الكامل للمبرد =

<<  <  ج: ص:  >  >>