للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة أربع من الهجرة النبويّة

في المحرّم منها كانت سريّة أبي سلمة بن عبد الأسد إلى طليحة الأسديّ، فانتهى إلى ماءٍ يقال له: قطنٌ.

قال الواقديّ (١): ثنا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيدٍ اليربوعيّ، عن سلمة بن عبد اللَّه بن عمر بن أبي سلمة وغيره، قالوا: شهد أبو سلمة أحدًا، فجرح جرحًا على عضده، فأقام شهرًا يداوى، فلمَّا كان هلال (٢) المحرّم على رأس خمسةٍ وثلاثين شهرًا من الهجرة، دعاه رسول اللَّه فقال: "اخرج في هذه السّريّة، فقد استعملتك عليها". وعقد له لواءً وقال: "سر حتى أرض بنى أسدٍ، فأغر عليهم". وأوصاه بتقوى اللَّه، وبمن معه من المسلمين خيرًا، وخرج معه في تلك السّرية خمسون ومئةٌ، فانتهى إلى أدنى قطنٍ، وهو ماءٌ لبني أسدٍ، وكان هناك طليحة الأسديّ وأخوه سلمة ابنا خويلدٍ، وقد جمعا خلقًا من بني أسدٍ ليقصدوا حرب النبيّ ، فجاء رجلٌ منهم إلى النبيّ فأخبره بما تمالؤوا عليه، فبعث معه أبا سلمة في سريّته هذه، فلما انتهوا إلى أرضهم، تفرّقوا وتركوا نعَمًا كثيرًا لهم من الإبل والغنم، فأخذ ذلك كلّه أبو سلمة، وأسر منهم معه ثلاثة مماليك، وأقبل راجعًا إلى المدينة، فأعطى ذلك الرجل الأسديّ الذي دلّهم نصيبًا وافرًا من المغنم، وأخرج صفيّ النبيّ ؛ عبدًا، وخمّس الغنيمة، وقسمها بين أصحابه، ثم قدم المدينة.

قال عمر بن عثمان: فحدّثني عبد الملك بن عميرٍ، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوعٍ، عن عمر بن أبي سلمة قال: كان الذي جرح أبي أبو أسامة الجشميّ، فمكث شهرًا يداويه فبرأ، فيما نرى، وبعثه رسول اللَّه في المحرّم -يعني من سنة أربع- إلى قطنٍ، فغاب بضع عشرة ليلةً، فلمّا دخل المدينة انتقض به جرحه، فمات لثلاثٍ بقين من جمادى الأولى.

قال عمر: واعتدّت أمي حتى خلت أربعة أشهرٍ وعشر، ثم تزوّجها رسول اللَّه ودخل بها في ليالٍ بقِين من شوّالٍ، وكانت أمي تقول: ما بأسٌ بالنكاح في شوال والدخول فيه، وقد تزوّجني رسول اللَّه في شوّالٍ وأعرس بي فيه (٣).


(١) انظر "المغازي" للواقدي (١/ ٣٤٠).
(٢) لفظ "هلال" لم يرد في (ط).
(٣) في (ط): "قد تزوجني رسول اللَّه في شوال وبنى فيه".