للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما ما يُوردُه كثير من العامّة أن النبي قال: "لا يؤلَّف تحت الأرض". فهو من قولهم وكلامهم، وليس له أصل، ولا ذِكْر في كتب الحديث المعتمدة، ولا سمعناه في شيء من المبسوطات، والأجزاء المختصرات، ولا ثَبتَ في حديث عن رسول اللَّه أنه حَدَّ الساعة بِمُدَّة محصورة، وإنما ذكر شيئًا من أشراطها وأماراتها وعلاماتها على ما سنذكره إن شاء اللَّه.

ذكر الخبر الوارد في خروج نار من أرض الحجاز أضاءت لها أعناق الإِبل بُبصْرَى من أرض الشام وذلك في سنة أربع وخمسين وستمئة

قال البخاري: حدّثنا أبو اليمان، حدثنا شُعَيْبٌ، عن الزُّهريّ، قال: قال سعيد بن المُسيب، أخبرني أبو هُرَيْرَة أن رسول اللَّه قال: "لا تقوم السَّاعَةُ حتّى تَخْرُجَ نارٌ مِنْ أرض الحِجَاز تُضيءُ أَعناقَ الإِبل بِبصرى". ورواه مسلم من حديث الليث، عن عُقَيل، عن ابن شهاب به (١).

وقد رواه أبو نُعَيْمٍ الأصْبَهانيُّ، ومن خطِّه نقلْتُ، مِن طريقِ أبي عاصمٍ النَّبيلِ، عن عبدِ الحميدِ بنِ جعفرٍ، عن عيسى بن عليٍّ الأنصاريِّ، عن رافعِ بن بشير السَّلَمِيِّ (٢)، عن أبيه، قال رسولُ اللَّه : "تَخْرُجُ نَارٌ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى، تَسِيرُ سَيْرَ مطية الإِبِلِ، تَسِيرُ النَّهَارَ وَتُقِيمُ اللَّيْلَ، تَغْدُو وَتَرُوحُ، فَيُقَالُ: أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ غَدَتِ النَّارُ فَاغْدُوا. أَوْ: قَالَتِ النَّارُ، أَيُّهَا النَّاسُ فَقِيلُوا. غَدَتِ النَّارُ، أَيُّهَا النَّاسُ فَرُوحُوا. مَنْ أَدْرَكَتْهُ أَكَلَتْهُ". هكذا رواه أبو نُعَيْمٍ، وهو في "مسند أحمدَ" مِن روايةِ رافعِ بن بشرٍ السَّلمِيِّ (٣)، عن أبيه، عن رسول اللَّه بدونِ هذه الزيادة إلى: "تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى". وهو الصوابُ؛ فإن هذه النارَ التي ذكَر أبو نُعَيْمٍ هي النارُ التي تَسُوقُ النَّاسَ إلى أرضِ المَحْشَرِ، كما سيأتي بيانُ ذلك قريبًا (٤).

وقال الإمامُ أحمدُ: ثنا وهبُ بنُ جريرٍ، ثنا أبي، سمِعْتُ الأعمشَ يُحَدِّثُ عن عمرو بن مُرَّةَ، عن عبدِ اللَّهِ بن الحارثِ، عن حَبيبِ بنِ حِمَارٍ (٥)، عن أبي ذرٍّ قال: أَقْبَلْنا مع رسولِ اللَّه ، فنَزَلْنا ذا الحُلَيْفَةِ فتعَجَّلَتْ رِجالٌ مِنَّا إلى المدينة، وبات رسول اللَّه، فلما أصْبَح سأل عنهم، فقيل: تَعَجَّلوا


(١) رواه البخاري رقم (٧١١٨) ومسلم (٢٩٠٢).
(٢) في الأصل: الأسلمي.
(٣) في الأصل: الأسلمي.
(٤) وأخرجه الطبراني في "الكبير" رقم (١٢٢٩) وأحمد في المسند (٣/ ٤٤٣).
(٥) في الأصل: جماز. وفي ضبطه خلاف يراجع في "تعجيل المنفعة" للحافظ ابن حجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>