للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر قُسّ بنِ سَاعِدة الإيَادي (١)

قال الحافظ أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي في كتاب "هَواتِف الجِنَّان" (٢) حدثنا علي بن (٣) داود القَنْطَري، حدّثنا عبد الله بن صالح، حدّثني أبو عبد الله المشْرقي، عن أبي الحارث الورّاق، عن ثور بن يزيد، عن مورِّق العِجْلي، عن عُبادة بن الصامت، قال: لما قدِم وفْدُ إياد على النبي قال: "يا مَعْشَرَ وفْدِ إياد! ما فَعَلَ قُسُّ بنُ ساعدة الإيادي"؟ قالوا: هلك يا رسول الله. قال: "لقد شَهِدتُه يومًا بسوق عُكَاظ على جَمَلٍ أحْمَرَ يَتَكَلَّمُ بكلامٍ معجب مونق لا أجدني أحفظه". فقام إليه أعرابي من أقاصي القوم فقال: أنا أحفظه يا رسول الله. قال: فَسُرَّ النبي بذلك. قال: فكان بسوق عكاظ على جمل أحْمر وهو يقول: يا معشرَ الناس اجتمعوا، فكل من فات فات، وكلّ شيء آت آت، ليلٌ داج، وسماءٌ ذات أبراج، وبحر عَجَّاج، نجوم تزهر، وجبال مرسية، وأنهار مجرية، إن في السماء لخبرًا، وإن في الأرض لَعِبَرا، مالي أرى الناس يذهبون ويموتون (٤) فلا يرجعون، أرَضوا بالإقامة فأقاموا، أم تُرِكوا فناموا، أَقسم قُسٌّ بالله قسمًا لا ريب فيه، إن لله دينًا هو أرضَى من دينكم هذا [وإن كان فيه بعض الاستطال] (٥)، ثم أنشأ يقول: [من مجزوء الكامل]

في الذاهِبينَ الأوّليـ … ـنَ من القُرونِ لنا بَصَائر

لمّا رأيتُ مواردًا … للموتِ ليسَ لها مصادر

ورأيتُ قَومي نحوها … يمضي الأصاغرُ والأكابر

لا مَن مضى يأتي إليـ … ـك ولا مِن الباقين غابر

أيقنتُ أني لا محا … لةَ حيثُ صارَ القومُ صائر (٦)


= وزيزاء: كان ينزلها الحاج، وفيها بِرْكة عظيمة. (ياقوت).
(١) ترجمته وأخباره في: المعمرين (٨٧ - ٩٠)، والبيان والتبيين (١/ ٥٢، ٣٠٨ - ٣٠٩)، ومعجم الشعراء (٢٢٢ - ٢٢٣)، ومجمع الأمثال (١/ ١١١)، والعصا لأسامة بن منقذ (٧٨ - ٧٩)، وخزانة الأدب (تح. هارون) (٢/ ٨٩ - ٩٠)، والإصابة (٣/ ٢٧٩). وعيون الأثر (١/ ٩٥ - ١٠٠).
(٢) في ب، ط: الجان. والجنان: جمع الجان، والليل، والقلب لاستتاره في الصدر. وكتاب الخرائطي: (هواتف الجنان وما يحكى عن الكهان) طبع مؤسسة الرسالة ضمن كتاب نوادر الرسائل، تح إِبراهيم صالح.
(٣) زيادة من ب توافق ما في هواتف الجنان ويستقيم بها النص. وعلي بن داود بن يزيد القنطري الأدَمي، محدث ثقة. توفي سنة (٢٧٢ هـ). ترجمته في سير أعلام النبلاء (١٣/ ١٤٣).
(٤) ليست في ط.
(٥) ليست في ط.
(٦) الأبيات في مصادر ترجمته. والخبر في هواتف الجنان (١٨٥ - ١٨٦).