للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام، لكن قال ابن إسحاق: فإن كان حمزة قال ذلك فهو كما قال لم يكن يقول إلا حقًا، فاللَّه أعلم أيّ ذلك كان، فأما ما سمعنا من أهل العلم عندنا فعبيدة أول، والقصيدة هي قوله: [من الطويل]

ألا يا لقومي للتّحلّم والجهلِ … وللنقص من رأي الرجال وللعقلِ

وللراكبينا بالمظالم لم نطأ … لهم حرمات من سوامٍ ولا أهلِ

كأنا تبلناهم ولا تبل عندنا … لهم غير أمر بالعفاف وبالعدلِ

وأمر بإسلام فلا يقبلونه … وينزل منهم مثل منزلة الهزلِ

فما برحوا حتى انتدبتُ لغارةٍ … لهم حيث حلوا أبتغي راحة الفضلِ

بأمر رسول اللَّه أول خافقٍ … عليه لواء لم يكن لاح من قبلي

لواء لديه النصر من ذي كرامةٍ … إلهٍ عزيزٍ فعله أفضل الفعل

عشيّة ساروا حاشدين وكلّنا … مراجله من غيظ أصحابه تغلي

فلمّا تراءينا أناخوا فعقّلوا … مطايا وعقّلنا مدى غرض النّبل

وقلنا لهم حبل الإله نصيرنا … وما لكمُ إلا الضلالة من حبل

فثار أبو جهل هنالك باغيًا … فخاب وردّ اللَّه كيد أبي جَهْلِ

وما نحن إلا في ثلاثين راكبًا … وهم مئتان بعد واحدة فضل

فيال لؤيّ لا تطيعوا غواتكم … وفيئوا إلى الإسلام والمنهج السهل

فإني أخاف أن يصبّ عليكمُ … عذاب فتدعوا بالندامة والثّكل

قال (١): فأجابه أبو جهل بن هشام -لعنه اللَّه- فقال:

عجبت لأسباب الحفيظة والجهل … وللشاغبين بالخلاف وبالبَطل

وللتاركين ما وجدنا جدودنا … عليه ذوي الأحساب والسّؤدُد الجَذْلِ

ثم ذكر تمامها.

قال ابن هشام (٢): وأكثر أهل العلم بالشعر ينكر هاتين القصيدتين لحمزة ولأبي جهل -لعنه اللَّه-.

[غزوة بواط من ناحية رضوى]

قال ابن إسحاق: ثم غزا رسول اللَّه في شهر ربيع الأول -يعني من السنة الثانية- يريد قريشًا.


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٥٩٧).
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٥٩٦ - ٥٩٨).