للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسعود، في قوله: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (٢٤)[الفرقان: ٢٤] قال: لا ينتصفُ النهارُ يوم القيامة حتى يَقيلَ هؤلاء وهؤلاء.

ذكر المقام المحمود الذي خص به رسول اللَّه ، من بين سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومن ذلك الشفاعة العُظْمى في أهل الموقف ليجيءَ الربُّ ﷿ فيَفْصِلَ بينهم ويُريحَ المؤمنين من ذلك الحال إلى حسن المآب والمآل

قال اللَّه تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (٧٩)[الإسراء: ٧٩].

قال البخاريّ: حدّثنا علي بن عيَّاش، حدّثنا شُعَيْبُ بن أبي حَمزة، عن محمد بن المُنْكَدِر، عن جابر بن عبد اللَّه، أنّ رسولَ اللَّه : "منْ قالَ حينَ يَسْمعُ النِّدَاءَ: اللهُمَّ رَبَّ هَذِه الدَّعْوةِ التامَّة، والصلاة القائمة، آتِ محمَّدًا الوسيلةَ، والفضيلةَ، وابْعَثْهُ مَقامًا مَحْمودًا الَّذي وَعَدْتَهُ، حَلّتْ لهُ شفاعَتي يوم القيامة" انفرد به دون مسلم (١).

وقال الإمام أحمد: حدّثنا وكيع، حدّثنا داود، وهو [ابن] يزيد بن عبد الرحمن الزعافري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبيّ ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩] قال: "الشفاعة" إسناده حسن (٢).

وثبت في "الصحيحين" وغيرهما من حديث جابر وغيره، عن رسول اللَّه أنّه قال: "أُعطيتُ خَمْسًا لم يُعْطَهُنَّ أحَدٌ من الأنبياء قَبْلي: نُصِرْتُ بالرُّعْب مَسيرة شَهْرٍ، وأحِلّتْ لي الغَنائمُ، ولمْ تحلّ لأحَدٍ قَبْلي، وَجُعلتْ لي الأرْضُ مَسْجدًا، وطَهُورًا، فأيُّما رَجُلٍ منْ أُمتي أدْرَكتْهُ الصَّلاة فَلْيُصَلِّ، وأعْطيتُ الشَّفاعةَ، [وكان النبيُّ يُبْعثُ إلى قومه خاصة، وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ كافَّةً" (٣).

فقوَله: "وأعطيتُ الشفاعة"] يعني بذلك الشفاعةَ التي تُطلب من آدم، فيقول: لستُ بصاحب ذاكُمْ، اذهبوا إلى نوح، فيقول لهم كذلك ويُرشدهم إلى إبراهيم، فيُرشدهم إلى موسى، ويرشدهم موسى إلى عيسى، فيرشدهم عيسى إلى محمد وعليهم أجمعين، فيقول: "أنا لها. أنا لها"، وسيأتي ذلك مبسوطًا في أحاديث الشفاعة، في إخراج العصاة من النار، وقد ذكرنا طرق هذا الحديث بطوله عن جماعة من الصحابة عند تفسير هذه الآية الكريمة من كتابنا "التفسير" بما فيه كفاية.


(١) رواه البخاري في صحيحه رقم (٦١٤).
(٢) رواه أحمد في المسند (٢/ ٤٤٤) أقول: داود الزعافري، ضعيف، ولكن للحديث شواهد يقوى بها.
(٣) رواه البخاري في صحيحه رقم (٣٣٥) ومسلم رقم (٥٢١) من حديث جابر.

<<  <  ج: ص:  >  >>