للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأيتكِ وليغفر لك اللّه حُرَّة … من المحصنات غير ذات غوائلِ

حصان رزان ما تُزنّ بريبة … وتصبح غرثى من لحوم الغوافلِ

وإن الذي قد قيل ليس بلائط … بك الدَّهر بل قيل امرئ متماحلِ

فإن كنت أهجوكم كما بلَّغوكمُ … فلا رجعت سوطي إليَّ أناملي

فكيف وودّي ما حييت ونصرتي … لآل رسول اللّه زين المحافلِ

وإنَّ لهم عزًّا يرى الناس دونه … قصارًا وطال العزّ كلّ التّطاولِ

ولتكتب هاهنا الآيات من سورة النُّور، وهي من قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ﴾ إلى قوله: ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [النور: ١١ - ٢٦]. وما أوردناه هنالك من الأحاديث، والطُّرق، والآثار عن السَّلف والخلف (١)، وباللّه التوفيق.

* * *

غَزوَة الحُدَيْبِيَة (٢)

وقد كانت في ذي القعدة سنة ستّ بلا خلاف. وممَّن نصَّ على ذلك الزُّهريُّ، ونافع مولى ابن عمر، وقتادة، وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسمحاق بن يسار، وغيرهم، وهو الذي رواه ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عُروة أنها كانت في ذي القعدة سنة ستّ.

وقال يعقوب بن سفيان (٣): ثنا إسماعيل بن الخليل، عن عليّ بن مسهر، أخبرني هشام بن عُروة، عن أبيه قال: خرج رسول اللّه إلى الحُديبية في رمضان، وكانت الحُديبية في شوَّال، وهذا غريب جدًّا عن عُروة.

وقد روى البخاريُّ ومسلم (٤) جميعًا، عن هُدْبَة، عن هَمَّام، عن قتادة، أن أنس بن مالك أخبره أن رسول اللّه اعتمر أربع عُمَرٍ، كلُّهنَّ في ذي القعدة [إلَّا العُمْرَة التي مع حجَّته، عمرة من الحُديبية في ذي القعدة] وعُمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعُمْرَة من الجِعْرَانَة (٥) في ذي القعدة، حيث قسم غنائم حنين، وعمرة مع حجَّته. وهذا لفظ البخاريّ.


(١) انظر "تفسير القرآن العظيم" للمؤلف (٦/ ١٧ - ٣٥).
(٢) انظر خبرها في "المغازي" لابن أبي شيبة ص (٢٧٠)، و"الروض الأنف" (٦/ ٤٥٢)، و"زاد المعاد" (٣/ ٢٥٥)، و"الفصول في سيرة الرسول" ص (١٨٤).
(٣) انظر "المعرفة والتاريخ" (٣/ ٢٨٧).
(٤) رواه البخاري رقم (٤١٤٨)، ومسلم رقم (١٢٥٣).
(٥) الجِعْرَانة: ماء بين الطائف ومكة، وهي إلى مكة أقرب. أنظر "مراصد الاطلاع" (١/ ٣٣٦).