للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا خرج (١) الكُتّابُ كان دوِيُّهُمْ … قِسِيًّا وأقلامُ القِسِيِّ لهم نَبْلًا (٢)

وأبو سلمة حفصُ بن سُليمان (٣): هو أولُ من وزَرَ لآلِ العباس، قتَلَهُ أبو مسلم بالأنبار عن أمرِ السفَّاح بعدَ ولايتِهِ بأربعة أشهر في شهر رجب، وكان ذا هيئةٍ فاضلًا حسنَ المفاكهة وكان السفاحُ يأنَسُ به، ويحبُ مسامرَتَه لِطيبِ مُحاضرته، ولكنْ توَهَّمَ مَيْلَهُ لآلِ عليّ، فدَسَّ أبو مسلم عليه مَنْ قتَلَهُ غِيلَة كما تقدَّم، فأنشد السفاحُ عند قتله:

إلى النارِ فَلْيذْهَبْ ومَنْ كان مِثْلَهُ ....... على أيِّ شيءٍ فاتَنَا منه نأسَفُ (٤)

كان يقالُ له وزيرَ آلِ محمد، ويُعرف بالخَلّال لِسُكْناهُ الخَلَّالِين بالكوفة، وهو أولُ مَنْ سُمِّي بالوزير. وقد حكى ابن خَلِّكان (٥) عن ابن قُتيبة أنَّ اشتقاقَ الوزير من الوِزْر، وهو الحِمْل، فكأنَّ السلطانَ حَمَّلَهُ أثقالًا لاستنابٍ إلى رأيه، وقال الزجَّاج: هو مشتقٌّ من الوَزَر، وهو الجبَل، وكأنَ السلطانَ لجَأَ إلى رأيِهِ كما يلجأ الخائفُ إلى جبَل يعتصِمُ به. واللّه أعلم.

[ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين ومئة]

فيها ولَّى السفَّاح عمَّه سليمانَ بن علي البصرةَ وأعمالَها، وكُورَ دِجْلةَ والبحرَين وعُمَان، ووجَّه عمَّه إسماعيل بن علي إلى كُورِ الأهْوَاز.

وفيها قَتَل داودُ بنُ علي من بمكَّةَ والمدينة من بني أمية. وفيها تُوفِّي داودُ بنُ علي بالمدينة في شهر ربيع الأول، واستخلف ابنَهُ موسى على عملِه، وكانت ولايتُهُ على الحجاز ثلاثةَ أشهر، فلمَّا بلغ السفَّاحَ موتُه استنابَ على الحجاز خالَهُ زيادَ بن عبيد اللَّه بن عبد الدار (٦) الحارثي، وولَّى اليمن لابنِ خالِه محمد بن يزيد بن عبيد اللَّه بن عبد الدار، وجعل إمرةَ الشام لعمَّيه عبدِ اللَّه وصالح ابني علي، وأقرَّ أبا عَوْن على الديارِ المصرية نائبًا.


(١) في بعض النسخ: إذا جرح.
(٢) المصدر السابق.
(٣) ترجمته في المنتظم (٧/ ٣١٥)، وفيات الأعيان (٢/ ١٩٥)، سير أعلام النبلاء (٦/ ٧)، تاريخ اليعقوبي (٢/ ٣٥٢).
(٤) وفيات الأعيان (٢/ ١٩٦). والبيت من ثلاثة أبيات قيلت في الفضل بن مروان كاتب المعتصم. انظر الكامل لابن الأثير (٦/ ٢٢).
(٥) في وفيات الأعيان (٢/ ١٩٧).
(٦) في بعض النسخ: عبد الدان، هنا، إلى آخر البحث.

<<  <  ج: ص:  >  >>