للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتفق أن أسر أصحابُ مروان بدرًا، فقتله مروان بين يديه صبرًا، ومات مروان بعد أيام، وتفرقت أصحابه، قبحهم اللّه.

وفيها عصى أهل سِجِسْتان أميرَهم خلف بن أحمد، وذلك أنه حجَّ في سنة ثلاث وخمسين، واستخلف عليهم طاهر بن الحسين، فطمع في الملك بعده، واستمال أهل البلد، فلما رجع من الحجّ لم يسلمه البلد وعصى عليه، فذهب إلى بخارى إلى الأمير منصور بن نوح السَّاماني فاستنجده، فبعث معه جيشًا فاستنقذ البلد من طاهر، وسلَّمها إلى الأمير خلف بن أحمد - وقد كان خلف عالمًا محبًا للعلماء - فذهب طاهر، فجمع جموعًا، ثم جاء فحاصر خلفًا وأخذ منه البلد، فرجع خلف إلى الأمير منصور السَّاماني، فبعث معه من استرجع له البلد ثانية وسلَّمها إليه، فلما استقرَّ خلف بها، وتمكَّن فيها؛ منع ما كان يحمله من التحف والهدايا والحمل إلى الأمير منصور ببخارى، فبعث إليه جيشًا، فتحصَّن خَلَف في حصنٍ يقال له حصن أرك، فنازله الجيش فيه تسع سنين (١) لم يقدروا عليه، وذلك لمناعة هذا الحصن وصعوبته وعمق خندقه وارتفاعه هو في نفسه، وسيأتي ما آل إليه أمره من بعد ذلك.

وفيها قصدت طائفة من الترك بلاد الخَزَر، فاستنجد الخَزَر بأهل خوارزم فقالوا: لو أسلمتم لنصرناكم. فأسلموا إِلَّا ملكهم، فقاتلوا معهم الترك، فأجلوهم عنهم، ثم أسلم الملك بعد ذلك، ولله الحمد والمنة.

[وممن توفي فيها من الأعيان]

المُتَنبِّي الشَّاعر المشهور (٢)، أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصَّمد: أبو الطيب، الجُعْفي، الشَّاعر المعروف بالمتنبي.

وكان أبوه يعرف بعِيْدان السَّقَّاء - كان يستقي الماء لأهل الكوفة على بعيرٍ له، وهو شيخٌ كبير. وعِيْدان [هذا] (٣) قال ابن ماكُولا والخطيب: هو بكسر العين وبعدها ياء مثناة من تحت، وقيل بفتح العين لا كسرها (٤)، فالله أعلم.

كان مولد المتنبي بالكوفة سنة ستٍّ وثلاثمئة (٥)، ونشأ بالشَّام بالبادية، وطلب الأدب، ففاق أهل


(١) في الكامل (٨/ ٥٦٤): سبع سنين.
(٢) مصادر ترجمته أكثر من أن تحصى، ومن أمتع الدراسات عنه ما خطَّه يراع شيخ العربية محمود محمد شاكر في كتابه "المتنبي".
(٣) ما بين حاصرتين من (ب).
(٤) انظر الإكمال (٦/ ٩٩) وترجمة المتنبي لابن العديم المنشورة ضمن كتاب "المتنبي" للعلامة محمود محمد شاكر (٦٠٩) وفي بعض المصادر: عبدان، وهو تصحيف.
(٥) المشهور أنه ولد سنة (٣٠٣ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>