للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

توبة بن الصمّة (١)، وهو الذي يقال له مجنون ليلى، كان توبة يشن الغارات على بني الحارث بن كعب، فرأى ليلى (٢) فهواها وتهتك بها وهام بها محبة وعشقًا، وقال فيها الأشعار الكثيرة القوية الرائقة، التي لم يسبق إليها ولم يلحق فيها لكثرة ما فيها من المعاني والحكم، وقد قيل له مرة: هل كان بينك وبين ليلى ريبة قط؟ فقال: برئت من شفاعة محمد إن كنت قط حللت سراويلي على محرم. وقد دخلت ليلى على عبد الملك بن مروان تشكو ظلامة فقال لها: ماذا رأى منك توبة حتى عشقك هذا العشق كله؟ فقالت: واللَّه يا أمير المؤمنين لم يكن بيني وبينه قط ريبة ولا خنا، وإنما العرب تعشق وتعف وتقول الأشعار فيمن تهوى وتحب مع العفة والصيانة لأنفسها من الدناءات. فأزال ظلامتها وأجازها. توفي توبة في هذه السنة وقيل إن ليلى جاءت إلى قبره فبكت حتى ماتت، واللَّه أعلم] (٣).

[ثم دخلت سنة أربع وسبعين]

فيها عزل عبد الملك طارق بن عمرو عن إمارة المدينة وأضافها إلى الحجاج بن يوسف الثقفي، فقدمها فأقام بها شهرًا (٤) ثم خرج معتمرًا ثم [عاد إلى المدينة] في صفر فأقام بها ثلاثة أشهر (٥)، وبنى في بني سلمة مسجدًا، وهو الذي ينسب إليه اليوم، ويقال إن الحجاج في هذه السنة وهذه المدة شتم جابرًا وسهل بن سعد وقرَّعهما لم لا نصرا عثمان بن عفان، وخاطبهما خطابًا غليظًا، قبحه اللَّه وأخزاه (٦).

واستقضى أبا إدريس الخولاني أظنه على اليمن، واللَّه أعلم (٧).


(١) ترجمة - توبة بن الصمة - في معجم الشعراء للمرزباني (٣٤٣) والشعر والشعراء (٣٠٦) والأغاني (١١/ ٢٠٤) وتاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة ٦١ - ٨٠/ ص ٣٧٣) وفيه: اسمه توبة بن الحُمَيَّر، والوافي بالوفيات (١٠/ ٤٣٦).
(٢) وهي ليلى بنت عبد اللَّه بن الرحال بن شداد بن كعب بن معاوية، وهو الأخيل بن عبادة بن عقيل بن كعب بن ريعة بن عامر بن صعصعة، كان توبة يهواها ويتعشق بها فخطبها إلى أبيها فأبى أن يزوجه إياها وزوجها في بني الأدلع. وترجمتها في تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٦١ - ٨٠/ ص ٥١٧ - ٥١٩) وثمة مصادر ترجمتها وأخبارها.
(٣) سائر التراجم ساقطة من أ، ب.
(٤) في ط: أشهرًا، وما هنا عن أ، ب والطبري.
(٥) في أ: ثمانية أشهر، وما هنا عن ط، ب والطبري.
(٦) روى الطبراني (٦/ ١٩٥) أن الحجاج ختم في أعناقهم، وكذلك فعل بأنس بن مالك صاحب رسول اللَّه .
(٧) انفردت أ بزيادة هنا تذكر خطبة الحجاج في المدينة نقلًا عن الواقدي، وفيها أن الحجاج أطلق كلامًا فاحشًا لا يليق بالمدينة وساكنها وأهلها وناداهم بـ يا أهل خبيثة. . ولمّا لم أجد لهذه الخطبة أو نحوها أثرًا في المصادر لم أثبتها؛ ثم في هامش أ: لعن الحجاج لأنه أطلق هذا الكلام، وانتقاد للمؤلف لأنه نقل هذا الكلام -وغالب ظني أنه من زيادات النساخ- وفي آخر الهامش: حرره غيرة على الدين المبين وإرغامًا لأعداء سيد المرسلين . العبد الفقير إلى رب العالمين السيد حسين حسيني عامله ربه بالفضل.