للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال يعقوبُ بن سفيان: حدَّثنا حجَّاج بنُ مِنهالٍ، حدَّثنا حمَّادُ بن سلمةَ، عن عليِّ بن زيد، عن أوسِ بن خالد، قال: كنتُ إذا قدمتُ على أبي محذورة سألني عن سَمُرةَ، وإذا قدمتُ على سَمُرةَ سألني عن أبي محذورةَ، فقلتُ لأبي محذورةَ: مالكَ إذا قدمتُ عليكَ تسألُني عن سَمُرةَ، وإذا قدمتُ على سَمُرةَ سألني عنكَ؟ فقال: إنَي كنتُ أنا وسَمُرةَ وأبو هريرة في بيتٍ، فجاءَ النبيُّ ، فقال: "آخرُكم موتًا في النَّار" قال: فماتَ أبو هريرة ثم ماتَ أبو محذورة ثم مات سَمُرة (١). وقال عبدُ الرزاق: أخبرنا معمرُ: سمعتُ ابنَ طاووس وغيرَه يقولون: قال النبيُّ لأبي هُريرةَ وسَمُرةَ بن جُنْدَبٍ ولرجل آخرَ: "آخرُكم موتًا في النار" فماتَ الرجلُ قبلَهما، بقي أبو هريرة وسَمُرَة، فكانَ الرجلُ إذا أرادَ أن يغيظَ أبا هريرة يقول: مات سَمُرة، فإذا سمعَه غُشِي عليه وصَعِقَ، ثم مات أبو هريرة قبل سَمُرَة. وقتلَ سمرةُ بشرًا كثيرًا (٢).

وقد ضعَّفَ البيهقي عامَّة هذه الروايات، لانقطاع بعضها وإرساله، ثم قال: وقد قال بعض أهل العلم: إن سَمُرة ماتَ في الحريق، ثم قال: ويَحتملُ أن يُوردَ النَّارَ بذنوبه، ثم ينجو منها بإيمانه، فيخرجُ منها بشفاعة الشافعين، والله أعلم (٣). ثم أوردَ من طريق هلال بن العَلاء الرَّقي: أنَّ عبدَ الله بن معاوية حدَّثهم عن رجل قد سمَّاه؛ أنَّ سمرةَ استجمرَ فغفلَ عن نفسه وغفلَ أهلُه عنه حتى أخذته النَّار (٤).

قلتُ: وذكرَ غيرُه أن سمرةَ بن جندب أصابه كُزاز (٥) شديد، فكان يُوقد له على قِدْر مملوءةٍ ماءً حارًا فيجلسُ فوقَها فيتدفأ ببخارها، فسقطَ يومًا فيها فماتَ ، وكان موتُه سنة تسع وخمسين بعد أبي هريرة بسنة، وقد كان ينوبُ عن زياد بن سُمَيَّة في البصرة إذا سار إلى الكوفة، وفي الكوفة إذا سارَ إلى البصرة، فكان يُقيم في كل منهما ستةَ أشهرٍ من السنة، وكان شديدًا على الخوارج، مُكثرًا للقتل فيهم، ويقولُ: هم شرُّ قتلى تحتَ أديمِ السماء، وقد كان الحسنُ البصريُّ ومحمد بن سيرين وغيرُهما من علماء البصرة يُثنون عليه، .

[خبر رافع بن خديج]

روى البيهقي: من حديث مسلم بن إبراهيم، عن عمرو بن مرزوق الواشحي، حدَّثنا يحيى بن


(١) رواه البيهقي في الدلائل (٦/ ٤٥٩) في سنده علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.
(٢) الدلائل للبيهقي (٦/ ٤٥٩) وهو مرسل.
(٣) رواه البيهقي في دلائل النبوة (٦/ ٤٦٠).
(٤) رواه في الدلائل (٦/ ٤٦٠) بلاغًا. قال الذهبي في السير (٣/ ١٨٥): هذا إن صحَّ فهو مراد النبي ، يعني نار الدنيا.
(٥) داء يأخذ الإنسان من شدّة البرد. تاج العروس - مادة كزَزَ.