للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد رواه الترمذي في "الشمائل" (١) عن الحسن بن الصبَّاح البزَّار، عن أبي النضر هاشم بن القاسم، به.

قلت: وهو من غرائب الأحاديث، وفيه نكارة، ومجالد بن سعيد يتكلمون فيه، فاللّه أعلم.

وقال الترمذي في باب مُزَاحِ النبي من كتابه "الشمائل" (٢): حدَّثنا عَبدُ بن حُميد، حدَّثنا مصعب بن المقدام، حدَّثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، فال: أتت عجوز إلى النبيِّ فقالت: يا رسول الله ادع لي أن يدخلني اللّه الجنة، قال: "يا أُمَّ فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز" فولَّت العجوز تبكي، فقال: "أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، فإن اللّه تعالى يقول: ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا﴾ (٣) [الواقعة: ٣٥، ٣٦] وهذا مرسل من هذا الوجه.

وقال الترمذي (٤): حدَّثنا عباس بن محمد الدوري، حدَّثنا علي بن الحسن بن شقيق، حدَّثنا عبد اللّه بن المبارك، عن أسامة بن زيد، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قالوا يا رسول اللّه إنك تداعبنا، قال: "إني لا أقول إلا حقًا".

تداعبنا: يعني: تمازحنا. وهكذا رواه الترمذي في "جامعه" في باب البر، بهذا الإسناد، ثم قال: وهذا حديث حسن.

بابُ زهده وإعراضُه عن هذه الدار (وإقبالُه واجتهادُه وعملُه لدار القرار)

قال اللّه تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [طه: ١٣١] وقال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: ٢٨]، وقال تعالى: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٢٩) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ﴾ [النجم: ٢٩، ٣٠] وقال: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧) لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحجر: ٨٧، ٨٨] والآيات في هذا كثيرة.


(١) الشمائل رقم (٢٥٢) باب ما جاء في كلام رسول الله في السمر.
(٢) الشمائل رقم (٢٣٧) باب ما جاء في صفة مزاح رسول الله ولفظه: قالوا: يا رسول الله إنك تداعبنا. قال: نعم، غير أني لا أقول إلا حقًا.
(٣) رواه الترمذي في الشمائل رقم (٢٤٠) باب ما جاء في صفة مزاح رسول الله . والحسن: هو الحسن البصري.
(٤) جامع الترمذي (١٩٩٠) وهو حديث حسن، كما قال الإمام الترمذي، فيه أسامة بن زيد الليثي، فهو صدوق حسن الحديث.