للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أورد له ابن خلِّكان (١) شيئًا من أشعاره، وأثنى عليه في فنّه، واللَّه أعلم بحاله].

محمد بن علي بن محمد بن عُبيد اللَّه (٢) بن عبد الصمد بن المهتدي باللَّه (٣) أبو الحسين، ويعرف بابن الغريق (٤).

ولد سنة سبعين وثلاثمئة، وسمع الدّارقطني، وهو آخر من حدّث عنه في الدنيا، وابن شاهين، وتفرّد عنه وسمع خلقًا آخرين.

وكان ثقة ديِّنًا كثير الصلاة والصيام، فكان يقال له: راهب بني هاشم. وكان غزير العلم والعقل، كثير التِّلاوة، رقيق القلب، رحل إليه الطلبة من الآفاق، ثمّ ثَقُل سمعه، فكان يقرأ على الناس، وذهبت إحدى عينيه، خطب وله ست عشرة سنة، وشهد عند الحكام [سنة ست وأربعمئة، وولي الحكم سنة تسع وأربعمئة، وأقام خطيبًا بجامع المنصور وجامع الرصافة ستًا وسبعين سنة وحكم] ستًا وخمسين سنة، وتوفي سلخ ذي القعدة من هذه السنة، وقد جاوز تسعين سنة، وكان يوم جنازته يومًا مشهودًا، ورؤيت له منامات صالحة.

[ثم دخلت سنة ست وستين وأربعمئة]

في صفر، جلس الخليفة جلوسًا عامًا [وعلى رأسه حفيده الأمير عدة الدّين، أبو القاسم عبد اللَّه (٥)] وعمره يومئذ ثماني عشرة سنة [وهو في غاية الحسن، وحضر الأمراء والكبراء]، فعقد الخليفة بيده لواء السلطان ملك شاه [وكثر الزحام يومها، وهنَّأ الناس بعضهم بعضًا بالسلامة]، وكان يومًا مشهودًا.

[صفة غرق بغداد في هذه السنة]

وفي جمادى الآخرة، جاء مطر عظيم، وسيلٌ قوي كثير، وزادت دجلة حتى غرَّقت جانبًا كبيرًا من بغداد، وحتى خلص ذلك إلى دار الخلافة، فخرجت الجواري حاسرات [عن وجوههن] حتى صرن إلى الجانب الغربي، وهرب الخليفة من مجلسه، فلم يجد طريقًا يسلكه، فحمله بعض الخدم إلى التاج،


(١) وفيات الأعيان (٣/ ٣٨٥ - ٣٨٦).
(٢) في (ط): "عبد اللَّه" خطأ بيّن، وما أثبتناه هو الموافق لما في مصادر ترجمته (بشار).
(٣) تاريخ بغداد (٣/ ١٠٨)، المنتظم (٨/ ٢٨٣)، الكامل في التاريخ (١٠/ ٨٨)، سير أعلام النبلاء (١٨/ ٢٤١)، الوافي بالوفيات (٤/ ١٣٧)، شذرات الذهب (٣/ ٣٢٤).
(٤) تصحفت في (ط) إلى: العريف.
(٥) في (ط) بعد هذا: "ابن المهتدي باللَّه" وهو غلط محض فهو عبد اللَّه بن محمد ابن الخليفة القائم، وهو المقتدي بأمر اللَّه فيما بعد (بشار).

<<  <  ج: ص:  >  >>