للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمسلمين في الصدِّيق، وأنه قد استنابه على منْ بالشام، وأمره أن يستشير خالدًا في الحرب، فلما وصلَ الكتابُ إلى أبي عبيدة كتمهُ من خالد حتى فُتحت دمشقُ بنحو من عشرين ليلةً، فقال له خالدٌ: يرحمك الله، ما منعك أن تعلمني حين جاءك؟ فقال: إني كرهتُ أن أكسر عليك (١) حربكَ، وما سلطان الدنيا أريدُ، ولا للدنيا أعملُ، وما ترى سيصير إلى زوال وانقطاع، وإنما نحن أخَوان، وما يضرُّ الرجل أن يليه أخوه في دينه ودنياه.

[[هل كان إمداد خالد زمن أبي بكر أم زمن عمر]]

ومن أعجب ما يُذْكرُ هاهنا ما رواه يعقوب بن سفيان الفسوي (٢): حدَّثنا هشام بن عمار، حدَّثنا عبد الملك بن محمد، حدَّثنا راشد بن داود الصنعاني (حدَّثني أبو عثمان الصنعاني) شراحيل بن مرثد، قال:

بعث أبو بكر خالدَ بن الوليد إلى أهل اليمامة، وبعثَ يزيدَ بن أبي سفيان إلى الشام، فذكر الراوي قتال (٣) خالد لأهل اليمامة إلى أن قال: ومات أبو بكر واستُخلف عمر، فبعث أبا عبيدة إلى الشام فقدم دمشق فاستمدَّ أبو عبيدة عمر فكتب عمر إلى خالد بن الوليد أن يسير إلى أبي عبيدة بالشام. فذكر مسير خالد من العراق إلى الشام كما تقدم، وهذا غريب جدًّا، فإنَّ الذي لا يُشكَّ فيه أن الصديقَ هو الذي بعث أبا عبيدة وغيره من الأمراء إلى الشام، وهو الذي كتب إلى خالد بن الوليد أن يقدم من العراق إلى الشام ليكون مددًا لمن به وأميرًا عليهم، ففتح الله تعالى عليه وعلى يديه جميعَ الشام على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.

[بعثناه بريدًا فعاد أميرًا]

وقال محمد بن عائذ: قال الوليد بن مسلم: أخبرني صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير:

أن المسلمين لما افتتحوا مدينة دمشق بعثوا أبا عبيدة (بن الجراح) وافدًا إلى أبي بكر بشيرًا بالفتح، فقدمَ المدينةَ فوجد أبا بكر قد تُوفي واستُخْلفَ عُمرُ بن الخطاب، فأعظم أن يتأمَّر أحد من الصحابة (٤) عليه فولاه جماعة الناس، فقدم عليهم فقالوا: مرحبًا بمن بعثناه بريدًا فقدم علينا أميرًا.


(١) في أ: عنك.
(٢) المعرفة والتاريخ (٢/ ٣١٥ - ٣١٦).
(٣) في ط: فقال.
(٤) في أ: أصحابه.