للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا رسولَ الله، إن عليًا قَضَى بيننا (١) فَقَصُّوا عليه القِصَّة، فأجازه رسول الله .

ثم رواه الإمام (٢) أحمد أيضًا عن وَكيعٍ، عن حَمّاد بن سَلَمَة، عن سِماك بن حَرْبٍ، عن حَنَشٍ، عن عليٍّ … فذكره.

كِتابُ حِجَّة الوَداعِ في سَنَةِ عشرٍ

ويقال لها حجَّة البلاغ، وحجَّة الإسلام، وحجَّة الوداع لأنه ودَّع الناسَ فيهما، ولم يحُجَّ بعدَها، وسُمِّيَتْ حجَّة الإسلام لأنّه لم يحجَّ من المدينة غيرَها، ولكن حج قبل الهجرة مرَّات، قبلَ النّبوة وبعدَها. وقيل إنَّ فريضةَ الحجّ نزلَتْ عامئذٍ، وقيل سنة تِسْعٍ، وقيل سنة ستٍّ، وقيل قبلَ الهجرة وهو غريبٌ [جدًّا]. وسُمِّيتْ حجَّة البلاغ لأنه بلّغ الناسَ شرعَ الله في الحجِّ قولًا وفعلًا، ولم يكن بقيَ من دعائم الإسلام وقواعده شيءٌ إلَّا وقد بيَّنه ، فلما بيَّن لهم شريعةَ الحجِّ ووضَّحه وشرحه أنزل الله ﷿ عليه وهو واقِفٌ بعرفة: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣].

وسيأتي إيضاحٌ لهذا كله.

والمقصود ذكر حجته كيف كانت، فإنَّ النَّقَلَة اختلفوا فيها اختلافًا كثيرًا جدًّا، بحسب ما وصل إلى كل منهم من العلم، وتفاوتوا في ذلك تفاوتًا كثيرًا، لا سيَّما من بعد الصحابة ، ونحن نورد بحمد الله وعونه وحسن توفيقه ما ذكره الأئمة في كتبهم من هذه الروايات، ونجمع بينها جمعًا يُثلِجُ قلبَ منْ تأمَّله وأنْعم النظرَ فيه، وجَمَعَ بين طريقَتَي الحديث وفَهْمِ معانيه إن شاء الله، وبالله الثقة، وعليه التكلان. وقد اعتنى الناس بحجة رسول الله اعتناءً كثيرًا من قدماء الأئمة ومتأخريهم، وقد صنَّف العلَّامة أبو محمد بن حزم الأندلسي مجلدًا في حجة الوداع، أجاد في أكثره، ووقع له فيه أوهام سننته عليها في مواضعها. وباللّه المستعان.

باب بيانِ أنَّه لم يحجَّ من المدينة إلَّا حجةً واحدة، وأنَّه اعتمر قبلها ثلاث عُمَر

كما رواه البخاري ومسلم (٣) عن هُدبة، عن هَمَّام، عن قَتَادة، عن أنس قال: اعتمر رسول الله


(١) في المسند "قضى فينا" وفي ط: (قضى علينا).
(٢) مسند الإمام أحمد (١/ ١٢٨)، وإسناده ضعيف.
(٣) صحيح البخاري رقم (١٧٨٠) في الحج باب كم اعتمر النبي . وصحيح مسلم رقم (١٢٥٣) (٢١٧) في =