للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نادى بهم صارخٌ مِن بعدِ ما قُبِروا (١) … أينَ الأسِرَّةُ والتّيجانُ والحُللُ

أينَ الوجوهُ التي كانتْ منعَّمةً … من دونها تُضربُ الأستارُ والكِلَلُ (٢)

فأفصَحَ القَبْرَ عنهمْ حين ساءَلَهُمْ … تلكَ الوجُوهُ عليها الدُّودُ يَقتتِلُ

قد طالَ ما أكلوا دهرًا وماشربوا … فأصبَحُوا بعدَ طُولِ الأكْلِ قد أُكِلُوا

قال: فبكى المتوكّلُ حتَّى بلَّ الثرَى، وبكى مَنْ حولَه بحضرته، وأمَرَ برفع الشراب، وأمَر له بأربعة آلاف دينار، وحالل (٣) منه، وردَّه إلى منز له مكرَّمًا، .

[ثم دخلت سنة خمس وخمسين ومئتين]

فيها كانت وقعةٌ بين مُفلِح وبين الحسن بن زيد الطالبيّ، فهزمه مُفْلِحٌ ودَخَل آمُل طَبَرستان، وحرق منازل الحسن بن زيد، ثم سار وراءه إلى الدَّيْلَم.

وفيها: كانت محاربةٌ شديدةٌ بين يعقوب بن الليث وبين عليّ بن الحسين بن قُرَيش بن شِبْل، فبعث عليّ بن الحسين رجلًا من جهته يقال له: طَوْق بن المغلِّس، فصابره أكثرَ من شهر ثم ظفر يعقوب بطَوْقٍ، فأسرَهُ وأسَرَ وجوه أصحابه.

ثم سار إلى عليّ بن الحسين هذا، فأسَره أيضًا وأخذ بلاده، وهي كِرْمان، فأضافَها إلى ما بيده من مملكة سِجِسْتان.

ثم بعث يعقوب بن الليث بهديّةٍ سنيَّة إلى المعتزّ بالله؛ دوابّ، وبُزَاة، وثيابٍ فاخرة.

وفيها: ولَّى الخليفةُ سليمانَ بن عبد اللّه بن طاهر نيابة بغداد والسّواد في ربيع الأوّل منها.

وفيها: أخذ صالحُ بن وصيف أحمدَ بن إسرائيل كاتبَ المعتزِّ، والحسنَ بن مخْلد كاتبَ قَبيحة أُمّ المعتزّ، وأبا نوح عيسى بن إبراهيم، وكانوا قد تمالؤوا على أكل أموال بيت المال، فضربهم، وأخذ خطوطهُم بأموالٍ جزيلةٍ يحملونها، وذلك بغير رضىً من المعتزِّ في الباطن. واحتيط على أموالهم وحواصلهم وضياعهم، وسُمُّوا الكتَاب الخونة، وولَّى الخليفةُ عن قهرٍ غيرَهم.

وفي رجب من هذه السنة ظهر عيسى بن جعفر، وعليّ بن زيد الحسنيّان بالكوفة، وقتلا بها عبدَ اللّه بن محمد بن داود بن عيسى، واستفحل أمرهما بها.


(١) في ظ: دفنوا.
(٢) الكلل: مفردها كِلَّة وهي الشيء الرقيق.
(٣) قوله: وحالل منه لم يرد في ب، ظا. وفي ط: وتحلل منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>