للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال: إنه أول ما دخل إلى مَحَلِّ ملكه خَرَّ ساجدًا [شكرًا] (١) لله ﷿، ثم كان أول حكومةٍ أنهيت إليه أن امرأة كافور الإخشيدي تقدمت إليه، فذكرت له أنها كانت أودعت رجلًا من اليهود الصواغ قَبَاء من لؤلؤ منسوجٍ بالذهب، وأنه جَحَد ذلك. فاستحضره وقرره، فجحد اليهودي ذلك وأنكره، فأمر عند ذلك المعز بأن تحفر داره ويستخرج ما فيها، فوجد القَبَاء قد جعله في جَرَّة ودفنها فيها، فَسَلَّمه المعز إليها [ووفره عليها] (٢)، فقدَّمته إليه، وعرضته عليه، فأبى أن يقبله منها، وردَّه عليها، فاستحسن منه ذلك الحاضرون. وقد ثبت في الحديث: "إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر" (٣).

[وفيها توفي من الأعيان]

السَّري الرَّفَّاء الشَّاعر بن أحمد بن السَّري (٤): أبو الحسن، الكِنْدي، المَوْصلي، الشاعر المطبق، في جملة مُدَّاح سيف الدولة بن حمدان وغيره، وقد قدم بغداد، فاتفق موته بها في هذه السنة، قال ابن خلِّكان: وقيل: في سنةِ أربع وقيل خمس، وقيل: أربعٍ وأربعين، قال: وقد كانت بينه وبين محمد وسعيد ابْنَيْ هاشم الخالديين الموصليين معاداة، وادَّعى عليهما سرقة شعره (٥)، وكان معتنيًا بنسخ ديوان كُشَاجم، وربما زاد فيه من شعر الخالديين ليكثر حجمه ويزينهما بالكذب، وكان قد امتدح سيف الدولة، فأحبى له رزقًا، فلم يزل به الخالديان حتى قطعا رسمه من عنده، فدخل بغداد، وامتدح الوزير المهلبي فدخلا وراءه، فلم يزالا في ثلبه عنده حتى هجره وقلاه، فركبه الدين، ومات في هذه السنة، وله ديوان شعر كبير جيد، فمن شعره قوله:

يَلْقى النَّدى برقيقِ وجهٍ مُسْفرٍ … فإذا التقى الجمعانِ عادَ صفيقا

رَحْبُ المَنَازِلِ ما أقام فإنْ سرَى … في جَحْفلٍ تركَ الفَضاءَ مَضِيْقا (٦)

وله:

ألبستني نعمًا رأيتُ بها الدُّجى … صُبْحًا وكنتُ أرى الصَّباحَ بهيما

فغدوتُ يحسدني الصديقُ وقبلها … قد كان يَلْقَاني العدو رحيما (٧)


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).
(٣) الحديث في صحيح البخاري (٢٨٩٧) في الجهاد والسير، وصحيح مسلم (١١١) في الإيمان.
(٤) سلفت ترجمته، وذكرت مظانها في وفيات سنة (٣٦٠ هـ).
(٥) وفيات الأعيان (٢/ ٣٦٢).
(٦) ديوانه (١٨٥).
(٧) ديوانه (٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>