للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سريَّة عبد الله بن رَوَاحَة إلى يُسير بن رِزام اليهوديّ

ثم أورد (١) من طريق ابن لهيعة (٢)، عن أبي الأسود، عن عروة، ومن طريق موسى بن عقبة، عن الزهريِّ، أن رسول اللّه بعث عبد اللّه بن رواحة في ثلاثين راكبًا، فيهم عبد اللّه بن أنيس، إلى يُسير بن رِزام اليهوديِّ، حتى أتوه بخيبر، وبلغ رسولَ اللّه أنه يجمع غطفان ليغزوه بهم، فأتوه فقالوا: أرسلنا إليك رسول الله ليستعملك على خيبر. فلم يزالوا به حتى تبعهم في ثلاثين رجلًا، مع كل رجل منهم رديف من المسلمين، فلمَّا بلغوا قرقرة ثبار، وهي من خيبر على ستة أميال، ندم يسير بن رزام، فأهوى بيده إلى سيف عبد اللّه بن أُنيس، ففطن له عبد اللّه بن أنيس، فزجر بعيره، ثم اقتحم يسوق بالقوم، حتى إذا استمكن من يُسير، ضرب رجله فقطعها، واقتحم يُسير وفي يده مخرش من شوحط، فضرب به وجه عبد اللّه بن أُنيس فشخه شخة مأمومة، وانكفأ كلُّ رجل من المسلمين على رديفه فقتله، غير رجل واحد من اليهود أعجزهم شدًّا، ولم يصب من المسلمين أحد، ولصق رسول اللّه في شجَّة عبد الله بن أُنيس، فلم تقِح ولم تؤذه حتى مات.

* * *

سريَّة أخرى مع بَشير بن سعدٍ

روى (٣) من طريق الواقدي بإسناده، أن رسول الله بعث بَشير بن سعد في ثلاثين راكبًا إلى بني مرَّة في أرض فَدَك، فاستاق نعمهم، فقاتلوه وقتلوا عامة من معه، وصبر هو يومئذ صبرًا عظيمًا، وقاتل قتالًا شديدًا، ثم لجأ إلى فَدَك، فبات بها عند رجل من اليهود، ثم كرَّ راجعًا إلى المدينة.

قال الواقديُّ (٤): [ثم] بعث إليهم رسول اللّه غالب بن عبد الله ومعه جماعة من كبار الصحابة. فذكر منهم أسامة بن زيد، وأبا مسعود البدريِّ، وكعب بن عجرة، ثم ذكر مقتل أسامة بن زيد لمرداس بن نَهِيك حليف بني مرَّة، وقوله حين علاه بالسيف: لا إله إِلَّا اللّه. وأن الصحابة لاموه على ذلك، حتى سُقط في يده وندم على ما فعل.


(١) يعني البيهقيّ في "دلائل النبوة" وهو عنده (٤/ ٢٩٣).
(٢) قال الحافظ في "تقريب التهذيب" وهو صدوق، خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب أعدل من غيرهما، وله في مسلم بعض شيء مقرون.
(٣) يعني البيهقيّ في "دلائل النبوة" وهو عنده (٤/ ٢٩٥).
(٤) انظر "المغازي" (٢/ ٧٢٣).