للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خرج رسول الله عام الفتح صائمًا حتى أتى كراع الغميم، والناس معه مشاة وركبانًا، وذلك في شهر رمضان، فقيل: يا رسول الله، إنَّ الناس قد اشتدَّ عليهم الصوم، وإنَّما ينظرون إليك كيف فعلت. فدعا رسول الله بقدح فيه ماءٌ فرفعه، فشرب والناس ينظرون، فصام بعض الناس وأفطر البعض، حتى أُخبر النبيُّ أنَّ بعضهم صائمٌ، فقال رسول الله :"أولئك العصاة". وقد رواه مسلم (١) من حديث الثَّقفيِّ والدَّراورديِّ، عن جعفر بن محمد.

وروى الإمام أحمد (٢) من حديث محمد بن إسحاق، حدَّثني بُشَير بن يسار، عن ابن عباس قال: خرج رسول الله عام الفتح في رمضان، فصام وصام المسلمون معه، حتى إذا كان بالكَديد دعا بماءٍ في قعب وهو على راحلته، فشرب والناس ينظرون؛ يُعلمهم أنَّه قد أفطر، فأفطر المسلمون. تفرَّد به أحمد.

* * *

فصل في إسلام العبَّاس بن عبد المطَّلب عمِّ النبيِّ وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطَّلب ابن عمِّ رسول الله وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة المخزوميِّ أخي أمِّ سلمة أمِّ المؤمنين وهجرتهم إلى رسول الله فوجدوه في أثناء الطريق وهو ذاهب إلى فتح مكة

قال ابن إسحاق (٣): وقد كان العبَّاس بن عبد المطَّلب لقي رسول الله ببعض الطريق. قال ابن هشام: لقيه بالجُحفة مهاجرًا بعياله، وقد كان قبل ذلك مقيمًا بمكة على سقايته، ورسول الله عنه راضٍ، فيما ذكره ابن شهاب الزهريُّ.

قال ابن إسحاق (٤): وقد كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطَّلب، وعبد الله بن أبي أُمَيَّة قد لقيا رسول الله أيضًا بنِيقِ العُقَاب فيما بين مكَّة والمدينة (٥)، والتمسا الدُّخول عليه، فكلَّمته أُمُّ سلمة


(١) في "صحيحه" رقم (١١١٤).
(٢) في "المسند" (١/ ٢٦١)، وهو حديث صحيح.
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٠٠).
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٠٠ - ٤٠١).
(٥) انظر "المغانم المطابة في معالم طابة" للفيروزابادي ص (٤١٩) بتحقيق شيخنا العلَّامة حمد الجاسر .