للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يُعصى. قال فأرسل عثمان إلى علي فأبى أن يأتيه، وقال: قد أعلمته أني لست بعائد.

قال: وبلغ مروان قول نائلة (فيه فجاء إلى عثمان فقال: أتكلَّم أو أسكت؟ فقال: تكلَّم، فقال: إن نائلة) بنت الفرافصة. - فقال (١) عثمان لا تذكرها بحرف فأسوِّئ (٢) لك وجهك، فهي والله أنصح لي منك. (قال: فكف مروان).

ذِكْرُ مجيء الأحزابِ إلى عثمان للمرَّةِ الثانية من مصر [وغيرها في شوال من هذه السنة]

وذلك أن أهل الأمصار لما بلغهم خبر مروان، وغضب علي على عثمان بسببه، ووجدوا الأمر على ما كان عليه لم يتغير (ولم يسلك سيرة صاحبيه) فكاتب أهل مصر وأهل الكوفة و (أهل) البصرة وتراسلوا، وزُوِّرتْ كتبٌ على لسان الصحابة الذين بالمدينة، وعلى لسان عليٍّ وطلحة والزبير، يدعون الناس إلى قتال عثمان ونُصرة الدين، وأنه أكبر الجهاد اليوم.

وذكر (٣) سيف بن عمر التميمي عن محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عثمان، وقاله غيرهم أيضًا، قالوا: لما كان في شوال سنة خمس وثلاثين، خرج أهل مصر في أربع رِفاق على أربعة أمراء، المُقَلِّلُ لهم يقول ستمئة، والمُكْثِرُ يقول: ألف. على الرفاق عبد الرحمن بن عُدَيْس البَلَوي. وكنانة بن بشر اللَّيثي (٤)، وسُودان بن حُمْران السَّكوني، وقُتَيْرة (٥) السَّكوني، وعلى القوم جميعًا الغافقي بن حرب العَكّي، وخرجوا فيما يظهرون للناس حجاجًا، ومعهم ابن السوداء -وكان أصله ذميًا فأظهر الإسلام وأحدث بدعًا قوليةً وفعليةً، قبحه الله- وخرج أهل الكوفة في عدتهم في أربع رفاق (أيضًا)، وأمراؤهم: زيد بن صُوحان، والأشتر النَّخعي، وزياد بن النَّضْر الحارثي، وعبد الله بن الأصمّ، وعلى الجميع عمرو بن الأصَمّ. وخرج أهل البصرة في عدتهم أيضًا في أربع رايات مع حُكَيْم بن جَبَلَة العَبْدي، وبشر بن شُرَيْح بن ضُبَيْعة القيسي، وذَريح بن عباد العبدي، وعليهم كلّهم حرقوص بن زهير السعدي، وأهل مصر مصرون على ولاية علي بن أبي طالب، وأهل الكوفة عازمون على تأمير الزُّبير، وأهل البصرة مصممون على تولية طلحة. لا تشكّ كلّ فرقةٍ أن أمرها سيتمّ، فسار كل طائفة من بلدهم حتى توافوا حول المدينة، كما تواعدوا في كتبهم، في شهر شوال فنزل طائفة منهم بذي خُشُبٍ، وطائفة بالأعْوَص، والجمهور بذي المروَة، وهم على وجل من أهل المدينة، فبعثوا قصَّادًا وعيونًا بين أيديهم ليخبروا الناس


(١) في أ: فقال له.
(٢) في ط: فأسوء إلى وجهك.
(٣) في أ: وأنه أكبر الجهاد البر، وقال سيف .. والخبر في تاريخ الطبري (٤/ ٣٤٨).
(٤) في تاريخ الطبري: التجيبي. وقد تقدم.
(٥) في تاريخ الطبري: قتيرة بن فلان السَّكوني.