للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأبنا غانمين بما اشتهينا … وآبوا نادمين على الخلافِ

وأعطينا رسولَ الله مِنَّا … مواثقنا على حُسنِ التَّصَافي

وقَدْ سَمِعُوا مَقَالتَنَا فهمُّوا … غَدَاةَ الرَّوع مِنَّا بانْصِرَافِ

وقال ابن هشام (١): وقال عباس بن مِرْدَاس السُّلميُّ في فتح مكة (٢): [من الكامل]

منَّا بمكّة يوم فتح محمدٍ … ألفٌ تسيل به البِطَاح مُسَوَّمُ

نَصروا الرَّسُولَ وشَاهَدوا آياتهِ … وشِعَارُهُمْ يَومَ اللِّقاءَ مُقَدَّمُ

في منزل ثبتت به أَقْدَامُهُمْ … ضَنْكٍ كأنَّ الهامَ فيه الحَنْتَمُ

جرَّت سَنَابِكَهَا بنجدٍ قَبْلَهَا … حتى استقامَ لها الحِجَازُ الأَدْهَمُ

الله مَكَّنهُ لهُ وأذلَّه … حُكْم السيوفِ لنا وجدٌّ مِزْحَمُ

عُود الرِّياسة شامخ عِرْنِيْنُهُ … متطِّلعٌ ثُغَرَ المَكَارِمِ خِضْرِمُ

وذكر ابن هشام (٣) في سبب إسلام عباس بن مِرْدَاس، أن أباه كان يعبد صنمًا من حجارة يقال له: ضِمَار. فلما حضرته الوفاة أوصاه به، فبينما هو يومًا يخدمه إذ سمع صوتًا من جوفه وهو يقول: [من الكامل]

قُل للقبائل من سُلَيم كلِّها … أودى ضِمَارُ وعَاشَ أَهْلُ المَسْجدِ

إن الذي ورث النّبُوّةَ والهُدى … بعدَ ابن مَرْيَمَ مِنْ قُرَيشٍ مُهتدي

أودى ضِمَارُ وكان يُعْبَدُ مَرَّةً … قبل الكِتَابِ إلى النَّبيِّ محمدِ

قال: فحرَّق عباس ضِمَارًا، ثم لحق برسول الله فأسلم.

وقد تقدَّمت هذه القصة بكمالها في باب هواتف الجانِّ، مع أمثالها وأشكالها، ولله الحمد والمِنَّة.

* * *

بعثه خالد بن الوليد بعد الفتح إلى بني جَذِيمَة من كِنَانَة

قال ابن إسحاق (٤): فحدَّثني حكيم بن حكيم بن عَبَّاد بن حنيف، عن أبي جعفر محمد بن عليٍّ


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٢٦).
(٢) الأبيات في "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٢٦).
(٣) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٢٧).
(٤) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٢٨).