للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثبت في الصحيحَيْن (١) أنَّ رسولَ اللَّه قال: "صلاةٌ في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاةٍ فيما سواه إلا المسجدَ الحَرَام".

وفي مسند الإمام أحمد (٢) بإسناد حسن زيادةٌ حسنة وهي قوله "فإن ذلك أفضل".

وفي الصحيحَيْن (٣) من حديث يحيى القطَّان، عن خُبَيْب، عن حفص بن عاصم، عن أبي هُريرة قال: قال رسولُ اللَّه : "ما بينَ بيتي ومنبري رَوْضَةٌ من رياضِ الجنَّة، ومنبري على حَوْضي".

والأحاديثُ في فضائل هذا المسجدِ الشريف كثيرةٌ جدًا، وسنوردُها في كتاب المناسك من كتاب الأحكام الكبير إنْ شاء اللَّه، وبه الثقةُ وعليه التُّكْلان ولا حَوْلَ ولا قوةَ إلا باللَّه العزيز الحكيم.

وقد ذهب الإمامُ مالكٌ وأصحابُه إلى أنَّ مسجدَ المدينة أفضلُ من المسجد الحرام، لأنَّ ذاك بناهُ إبراهيم، وهذا بناه محمدٌ ، ومعلومٌ أن محمدًا أفضلُ من إبراهيمَ . وقد ذهب الجمهورُ إلى خلاف ذلك، وقرَّروا أنَّ المسجد الحرام أفضلُ لأنه في بلدٍ حرَّمَهُ اللَّه يوم خلق السماواتِ والأرض، وحرَّمه إبراهيمُ الخليل ، ومحمد خاتم المرسلين فاجتمع فيه من الصفات ما ليس في غيره، ولبَسْط هذه المسألة موضعٌ آخر وباللَّه المستعان.

[فصل]

وبُني لرسولِ اللَّه حول مسجده الشريف حُجَرٌ لتكون مساكنَ له ولأهله، وكانتْ مساكنَ قصيرةَ البناء قريبةَ الفِناء قال الحسن بن أبي الحسن البصري -وكان غلامًا مع أمه خيرة مولاة أمِّ سَلَمة- لقد كنتُ أنالُ أطولَ سقفٍ في حُجَرِ النبيِّ بيدي.

قلت: إلا أنه قد كان الحسن البصري شكلًا ضَخْما طُوَالا .

وقال السُّهيلي في "الرَّوض" (٤): كانت مساكنُه مبنيَّةً من جَريد عليه طين، وبعضها من حجارةٍ مرضومة (٥) وسقوفها كلُّها من جَريد. ثم (٦) حكَى عن الحسن البصري ما تقدَّم.


(١) فتح الباري (١١٩٠) مسجد مكة باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، وصحيح مسلم (١٣٩٤) (٥٠٦) الحج باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة.
(٢) لعل الرواية المذكورة في المسند (٣/ ٣٤٣) عن جابر والزيادة فيه هكذا "وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة". ولم أجد هذه الزيادة فيما روي من طريق الإمام أحمد في مسنده.
(٣) فتح الباري (١١٩٦) فضل الصلاة في مسجد مكة باب فضل ما بين القبر والمنبر، وصحيح مسلم (١٣٩١) (٥٠٢) الحج باب ما بين القبر والمنبر.
(٤) (٢/ ٢٤٨) بنحوه وبألفاظ مقاربة.
(٥) زاد السهيلي في الروض: بعضها فوق بعض. وهو تفسير المرضومة.
(٦) في ط: وقد حكى، والمثبت من ح ويعني بالذي حكى السهيليّ. وما يأتي بين معقوفين من الروض.