كتاب البداية والنهاية - ط دار ابن كثير

ثم دخلت سنة أربع عشرة ومئة - وممن توفي فيها من الأعيان - ج: 10 - ص: 148

وممن تُوفي فيها من الأعيان:

عطاء بن أبي رباح (١) الفِهْرِي: مولاهم أبو محمد المكى، أحدُ كبارِ التابعينَ الثقاتِ الرفعاء. يُقال: إنَّه أدرك مئتي صحابي. وقال ابن سعد (٢): سمعت بعضَ أهل العِلم يقول: كان عطاء أسودَ أعورَ أفْطس أشلَّ أعرج، ثم عَمي بعد ذلك؛ وكان ثقةً فقيهًا عالمًا كثيرَ الحديث.

وقال أبو جعفر الباقر وغيرُ واحد: ما بَقي أحدٌ في زمانِهِ أعلمَ بالمناسكِ منه. وزاد بعضهم: وكان قد حجَّ سبعين حجَّة، وعُمِّرَ مئةَ سنة؛ وكان في آخرِ عُمرِهِ يُفطرُ في رمضان من الكِبَرِ والضعف، ويَفْدي إفطارَهُ ويتأول الآية: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]؛ وكان يُنادي منادي بني أمية في أيَّامِ مِنَى: لا يُفْتي الناسَ في الحجَّ إلّا عَطاءُ بنُ أبي رَبَاح.

وقال أبو جعفر الباقر: ما رأيتُ فيمَنْ لَقيتُ أفقهَ منه! وقال الأوزاعي: مات عطاء يومَ مات وهو أرْضى أهلِ الأرضِ عندَهم.

وقال ابن جُريج: كان في المسجد فراش عطاء عشرين سنةً، وكان من أحسَنِ الناسِ به صلاة (٣).

وقال قتادة: كان سعيدُ بن المُسَيِّب، والحسن، وإبراهيم، وعطاء، هؤلاءَ أئمَّةُ الأمصار.

وقال عطاء: إنَّ الرجلَ ليُحدِّثني بالحديث فأنْصتُ له، كأني لم أكنْ سمعتُهُ وقد سمعتُهُ قَبْلَ أن يُولد، فأُريه أنِّي إنما سمعتُهُ الآن منه. وفي رواية: أنا أحفظُ منه له، فأريهِ أني لم أسمَعْه (٤).

والجمهور على أنه ماتَ في هذه السنة. رحمه الله تعالى. والله أعلم (٥).

---

(١) ترجمته في طبقات ابن سعد (٢/ ٣٨٦ و ٥/ ٤٦٧)، تاريخ ابن معين (٢/ ٤٠٢)، طبقات خليفة (٢٨٠)، تاريخ خليفة (٣٤٦)، التاريخ الكبير (٦/ ٤٦٣)، المعارف (٤٤٤)، المعرفة والتاريخ (١/ ٧٠١)، الجرح والتعديل (٦/ ٣٣٠)، الثقات لابن حبان (٥/ ١٩٨)، طبقات الشيرازي (٦٩)، حلية الأولياء (٣/ ٣١٠)، صفة الصفوة (٢/ ٢١١)، تاريخ مدينة دمشق (١١/ الورقة ٣١٥ ب)، المختار من ناقب الأخيار (٣/ ٥٦٥)، وفيات الأعيان (٣/ ٢٦١)، مختصر تاريخ دمشق (١٧/ ٦٥)، تهذيب الكمال (٢٠/ ٦٩)، سير أعلام النبلاء (٥/ ٧٨)، ميزان الاعتدال (٣/ ٧٠)، تذكرة الحفاظ (٩٨)، العقد الثمين (٦/ ٨٤)، غاية النهاية (١/ ٥١٨)، النجوم الزاهرة (١/ ٢٧٣)، طبقات الحفاظ (٣٠٩)، طبقات الشعرانى (١/ ٣٩).
(٢) في الطبقات الكبرى (٥/ ٤٧٠).
(٣) أخرجه أبو نعيم في الحلية (٣/ ٣١٠)؛ وذكره المزي في تهذيب التهذيب (٢٠/ ٨٠)، والذهبي في سير أعلام النبلاء (٥/ ٨٤).
(٤) ذكره الذهبي في السير (٥/ ٨٦).
(٥) وهنا زيادة أيضًا وهي:
أسنَدَ أبو محمد عطاء بنُ أبي رَبَاح - واسم أبي رباح أسلم - عن عددٍ كثيرٍ من الصحابة، منهم ابن عُمَر، وابنُ =