للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكر تشريف إبراهيم الخليل يوم القيامة على رؤوس الأشهاد

قال اللَّه تعالى ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [العنكبوت: ٢٧].

وقال البخاريّ: حدّثنا محمد بن بَشار، حدّثنا غُنْدَر، حدّثنا شُعْبةُ، عن المغيرة بن النُّعمان، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاس، قال: قام فينا النبيُّ يخطبُ، فقال: "إنّكم محشورون إلى اللَّه حُفاة عُراةً ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾ [الأنبياء: ١٠٤] وإنّ أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم ، وإنه سيجاء برجال من أمّتي فيُؤْخذُ بهم ذاتَ الشِّمال، فأقول: يا ربّ، أصحابي، فيقول: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك" قال: "فأقول كما قال العبدُ الصالح: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي. . .﴾ إلى قوله ﴿الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة: ١١٧ - ١١٨] " قال: " [فيقال]: إنهم لم يزالوا مُرْتَدَّينَ على أعقابهم" (١).

ذكر موسى وظهور شرفه وجلالته [وكرامته] يوم القيامة ووجاهته [عند اللَّه] وكثرة أتباعه وانتشار أمته

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (٦٩)[الأحزاب: ٦٩]. وقال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥١) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا﴾ [مريم: ٥١ - ٥٣]. وقال تعالى: ﴿يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي﴾ [الأعراف: ١٤٤]. وقال: ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي. . .﴾ إلى قوله: ﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾ [طه: ٣٩ - ٤١] والقرآن مملوء بذكر موسى والثناء عليه من اللَّه ﷿ حتى كاد القرآن أن يكون كُلُّه فيه. وقال النبي : "لا تفضلوني على موسى، فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش بالعرش" (٢) وقال تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: ١٦٤]. وثبت في الصحيح في الإسراء أن النبي مرَّ بموسى ليلة الإسراء وهو قائم يصلي في قبره، ورآه في السماء السابعة [وفي رواية] في السادسة ليلة الإسراء، وكانت شريعة موسى عظيمة جدًا، وأمته كثيرة جدًا، وكان فيهم الأنبياء والعلماء والربانيون والأحبار والعبَّاد والزُّهاد، والصالحون والمؤمنون والمسلمون والملوك والسادات والكبراء. وطالت أيامهم في أرغد


(١) رواه البخاري رقم (٦٥٢٦) ومسلم رقم (٢٨٦٠) (٥٨) بالسند نفسه.
(٢) رواه بنحوه البخاري رقم (٢٤١١) و (٦٥١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>