للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجعل الرشيدُ يكرِّر قولَه: إنَّما العاجزُ من لا يستبدّ، ويعجبُه ذلك. فلما كان الصباح دخل عليه يحيى بن خالد فأنشده الرشيدُ هذين البيتين وهو يستحسنهما، ففهم ذلك يحيى بنُ خالد وخافَ وسأل عمن أنشد ذلك للرشيد؟ فقيل له: أبو العود. فبعث إليه فأنجز له الثلاثين ألفًا، وأعطاه من عنده عشرين ألفًا، وكذلك ولداه الفضل وجعفر، فما كان عن قريبٍ حتى أخذ الرشيدُ البرامكة، وكان من أمره وأمرهم ما كان.

فلمَّا سمِعَ ذلك كلّه الواثقُ أعجبه ذلك وجعلَ يكرِّر قولَ الشاعر: إنَّما العاجزُ من لا يستبدّ، ثم بطش بالكتَّاب على إثر ذلك، وأخذ منهم أموالًا عظيمة جدًا (١).

وحجَّ بالناس في هذه السنة محمد بن داود أمير الحجيج في السنين الماضية.

[وممن توفي فيها من الأعيان]

خلف بن هشام البزَّار، أحد مشاهير القرَّاء (٢).

وعبد اللَّه بن محمد المُسْنَديّ (٣)

ونُعَيْم بن حمَّاد الخُزاعيّ، أحد أئمة السُّنَّة بعدَ أن كان من أكابر الجَهْمية، وله المصنَّفات المشهورة في الفتن وغيرها (٤).

وممن توفي في هذه السنة دينار بن عبد اللَّه (٥)، المنسوب إليه النسخة المكذوبة عنه أو منه، ولكنها عالية الإسناد إليه، ولكنها موضوعة.


(١) تاريخ الطبري (٩/ ١٢٥ - ١٢٨)، والكامل لابن الأثير (٧/ ١٠ - ١١).
(٢) خلف بن هشام بن ثعلب، أبو محمد البغدادي البزَّار، المقرئ، الحافظ، الحجة، شيخ الإسلام، أحد القراء العشرة، حفظ القرآن وهو ابن عشر سنين. كان ثقة كبيرًا زاهدًا عابدًا عالمًا. سير أعلام النبلاء (١٠/ ٥٧٦)، غاية النهاية (١/ ٢٧٢).
(٣) عبد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه بن جعفر بن يمان الجُعفي، أبو جعفر، المعروف بالمُسندي، لكثره اعتنائه بالأحاديث المسندة. قال الحاكم: إمام الحديث في عصره بما وراء النهر، وهو أستاذ البخاري. وهو من أبناء التسعين. سير أعلام النبلاء (١٠/ ٦٥٨).
(٤) وهو أحد علماء الأثر، وله غلطات ومناكير مغمورة في كثرة ما روى، وامتحن بخلق القرآن فلم يجب، فحبس وقيِّد ومات في الحبس. سير أعلام النبلاء (١٠/ ٥٩٥)، العبر (١/ ٤٠٥).
(٥) هو دينار بن عبد اللَّه، أبو مِكْيَس الحبشي الأسود المعمّر. منكر الحديث. كان يزعم أنه خادم أنس بن مالك. كتاب المجروحين والضعفاء (١/ ٢٩٥)، وتاريخ بغداد (٨/ ٣٨١)، وميزان الاعتدال (٢/ ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>