للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَاذَا تَقُولون إنْ قالَ النَّبيُّ لَكُم … مَاذَا فَعلتُمْ وَأَنتمْ آخِرُ الأُمَمِ

بِعترتي وبِأَهلي بَعْدَ مُفتَقَدي … مِنْهُم أسارى وَقَتلَى ضُرِّجوا بِدَم (١)

مَا كان هذَا جَزائي إذْ نَصَحتُ لَكُمْ … أَن تَخْلفُوني بشرٍّ في ذوِي رَحمي

وسَنُورد هذا مفصَّلًا في موضعه إذا انتهينا إليه إن شاء الله، وبه الثقة وعليه التكلان.

وقد رثاه الناس بمراثٍ كثيرة، ومن أحسنِ ذلك ما أوردَه الحاكمُ أبو عبد الله النيسابوري، وكان فيه تشيع:

جاؤوا بِرَأْسِكَ يا بنَ بِنتِ مُحمَّدٍ … مُتَزَمِّلًا بدِمائِه تَزْميلا (٢)

فَكَأَنَّما بِكَ يا بنَ بنتِ مُحَمَّدٍ … قَتَلُوا جِهَارًا عَامِدِين رَسُولا

قَتَلوكَ عَطْشانًا وَلَمْ يَتَرَقَّبُوا … في قَتلِكَ التنزِيلَ والتأويلا

ويُكَبِّرون بِأَنْ قُتِلتَ وإنَّما … قَتَلوا بِكَ التكبِيرَ والتهليلا

ذكر الإخبار عن وقعة الحَرَّة التي كانت في زمن يزيد أيضًا

قال يعقوبُ بن سفيان: حدَّثني إبراهيمُ بن المنذر، حدَّثني ابن فُلَيْح، عن أبيه، عن أيوب بن عبد الرحمن، عن أيوب بن بشير المُعَافِريّ، أنَّ رسولَ الله خرجَ في سفر من أسفاره، فلمَّا مرَّ بحرَّةِ زُهْرَة وقفَ فاسترجعَ، فساءَ ذلك مَنْ معه، وظَنُّوا أنَّ ذلكَ من أمر سفرهم، فقالَ عمرُ بن الخطاب: يا رسولَ الله! ما الذي رأيتَ؟ فقال رسول الله : "أما إنَّ ذلكَ ليس مِن سَفرِكم هذا" قالوا: فما هو يا رسولَ الله؟ قال: "يُقتل بهذه الحَرَّة خيارُ أمتي بعد أصحابي" (٣). هذا مرسل.

وقد قالَ يعقوبُ بن سفيان: قال وهبُ بن جرير: قال جويريةُ: حدَّثني ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: جاء تأويلُ هذه الآية على رأس ستين سنة ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا﴾ [الأحزاب: ١٤] قال: لأعطوها. يعني إدخال بني حارثة أهلَ الشام على أهل المدينة (٤).

وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس، وتفسير الصحابي في حكم المرفوع عند كثير من العلماء.

وقال نُعَيْمُ بن حمَّاد في كتاب "الفتن والملاحم": حدَّثنا أبو عبد الصمد العَمِّيُّ، حدَّثنا أبو عمران الجَوني، عن عبد الله بن الصَّامت، عن أبي ذر، قال: قال لي رسولُ الله : "يا أبا ذر! أرأيتَ إن


(١) "العِترة": نسل الرجل ورهطه وعشيرته الأدنون ممن مضى.
(٢) "مُتزمِّلًا": ملتفًا ومتشحًا.
(٣) رواه البيهقي في الدلائل (٦/ ٤٧٣).
(٤) رواه البيهقي في الدلائل (٦/ ٤٧٣ - ٤٧٤).