للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان إسماعيلُ رسولًا إلى أهل تلك الناحية وما والاها من قبائل جرهم والعماليق وأهل اليمن صلواتُ الله وسلامه عليه، ولما حضرتْه الوفاةُ أوصى إلى أخيه إسحاق وزوج ابنته "نسمة" من ابن أخيه العيص بن إسحاق، فولدت له الروم، يقال لهم: بنو الأصفر، لصفرةٍ كانت في العيص. وولدتْ له اليونان في أحد الأقوال. ومن ولد العيص الأشبان، قيل: منهما أيضًا. وتوقَّفَ ابن جرير (١) .

ودُفنَ إسماعيلُ نبيُّ الله بالحجر مع أمِّه هاجرَ، وكان عمرُه يوم مات مئة وسبعًا وثلاثين سنة (٢).

ورُوي عن عمرَ بن عبد العزيز أنه قال: شكا إسماعيلُ إلى ربِّه ﷿ حزَ مكَّةَ، فأوحى اله إليه أنِّي سأفتحُ لك بابًا إلى الجنَّةِ، إلى الموضع الذي تُدفنُ فيه، تجري عليك روحُها إلى يوم القيامه (٣).

وعربُ الحجاز كلُّهم ينتسبون إلى ولديْه نابت وقيذار. وسنتكلَّم على أحياء العرب وبطونها وعمائِرها وقبائِلها وعشائِرها من لدن إسماعيل إلى زمان رسول اللّه . وذلك إذا انتهينا إلى أيَّامه الشريفة وسيرته المنيفة بعد الفراغ من أخبار أنبياء بني إسرائيل إلى زمان عيسى ابن مريم خاتم أنبيائهم ومحقق أنبائهم، ثم نذكرُ ما كان في زمن بني إسرائيل، ثم ما وقعَ في أيَّام الجاهلية، ثم ينتهي الكلام إلى سيرة نبيّنا رسولِ اللّه إلى العرب والعجم وسائر صنوف بني آدم من الأمم، إن شاء الله تعالى، وبه الثقة وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم العزيز الحكيم.

* * *

ذكرُ إسحاق بن إبراهيم الكريم ابن الكريم عليهما الصّلاة والتسليم

قد قدَّمنا أنه ولد ولأبيه مئة سنة بعد أخيه إسماعيل بأربع عشرة سنة، وكان عمرُ أمّه سارَة حين بشُّرَتْ به تسعين سنة، قال الله تعالى: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾ [الصافات: ١١٢، ١١٣].


(١) انظر تاريخ الطبري (١/ ٣١٤).
(٢) المصدر السابق (١/ ٣١٤).
(٣) المصدر السابق (١/ ٣١٥).