للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة تسع وثلاثمئة]

فيها وقع حريقٌ كثير في نواحي بغداد؛ وذلك بسبب زِنْديق قُتِلَ؛ فألقى منْ كان منْ جهته الحريق في أماكن كثيرة، فهلك بسب ذلك خَلْقٌ كثير من النَّاس.

وفيها في جمادى الأولى قلَّد المقتدر بالله مؤنسًا الخادمَ بلاد مِصْر والشَام، ولقَّبه المُظَفَّر، وكتب بذلك (١) في المراسلات إلى الآفاق.

وفي ذي القَعْدة [منها] (٢) أُحضر أبو جعفر محمد بن جرير الطُّبري إلى دار الوزير عيسى بن علي لمناظرة الحنابلة في أشياءَ نقموها عليه، فلم يحضروا ولا واحدٌ منهم.

وقدَّم الوزير حامد بن العَبَّاس للخليفة بستانًا بناه وسمَّاه النَّاعورة قيمتُهُ مئة ألف دينار، وفَرَشَ مساكنه بأنواع المفارش المفتخرة.

وفي هذه السنة كان مقتل الحسين بن منصور الحَلَّاج، ولنذكر شيئًا منْ ترجمته وسيرته، وكيفية مقتله على وجه الإيجاز وبيان المقصود (٣)، وهذه نُبْذة من سيرته وأحواله، وكشف سريرته وأقواله (٤).

الحسين بن منصور (٥) بن مَحْمِي، الحَلَّاج، أبو مغيث: ويقال: أبو عبد الله، كان جده مجوسيًا اسمه مَحْمِي من أهل فارس (٦)، نشأ بواسط، ويقال بتُسْتر، ودخل بغداد، وتردد إلى مكة مرارًا للحج وجاور بها (٧) سنوات متفرقة، وكان يُصابر نفسَه ويجاهدُها، فلا يجلس إلا تحت السماء في وسط المسجد في البرد والحرِّ، ولا يأكل إلا بعض قرص، ويشرب قليلًا من الماء معه، وذلك وفت الفُطور مدة سنة كاملة، ويجلس على صخرة في قتَاله (٨) الحَرِّ في جبل أبي قُبَيْس.


(١) في (ط) وأمر بكتب ذلك.
(٢) ما بين حاصرتين من (ط).
(٣) في (ط): بطريق الإنصاف والعدل من غير تحمل ولا هوى ولا جور.
(٤) في (ط): ترجمة الحلاج، ونحن نعوذ باللّه أن نقول عليه ما لم يكن قاله، أو نتحمل عليه في أقواله وأفعاله، فنقول هو!
(٥) طبقات الصوفية (٣٠٧ - ٣١١) تاريخ بغداد (٨/ ١١٢ - ١٤١) المنتظم (٦/ ١٦٠ - ١٦٤) وفيات الأعيان (٢/ ١٤٠ - ١٤٦) سير أعلام النبلاء (١٤/ ٣١٣ - ٣٥٤).
(٦) في (ط): من بلدة يقال لها البيضاء.
(٧) في (ط) تقديم وتأخير في العبارة، والفحوى واحد.
(٨) في (ب) و (ظا) قبالة الحرم، وفي (ط) شدة الحر، وفي تاريخ بغداد (٨/ ١١٩): جالس على صخرة من أبي قيس في الشمس والعرق يسيل منه. والمثبت من (ح) وهو الأشبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>