للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد صحب جماعة من سادات مشايخ الصُّوفية، كالجُنيد بن محمد، وعمرو بن عُثْمان المكِّي، وأبي الحسين النُّوري.

قال الخطيب البغدادي: والصُّوفية مختلفون فيه، فأكثرهم نفى أن يكون الحلَّاج منهم، وأبى أن يعدَّه فيهم، وقَبِلَهُ من متقدِّميهم: أبو العَبَّاس بن عطاء البغدادي، ومحمد بن خفيف الشِّيْرازي، وإبراهيم بن محمد النَّصْرَأباذي النَّيْسابوري، وصحَّحُوا له حاله، ودوَّنوا كلامه، حتى قال ابن خفيف: الحسين بن منصور عالمٌ ربَّاني (١).

وقال أبو عبد الرحمن السُّلَمي - واسمه محمد بن الحسين - سَمِعْتُ إبراهيم بن محمد النَّصْرَ أباذي وعُوتب في شيء حُكي عن الحلاج في الرُّوح فقال لمن (٢) عاتبه: إن كان بعد النَّبيين والصدِّيقين موحِّدٌ فهو الحلَّاج.

قال أبو عبد الرحمن: وسمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت الشِّبلي يقول: كنت أنا والحسين بن منصور شيئًا واحدًا، إلا أنه أظهر وكتمتُ. وقد رُوي عن الشِّبْلي من وجه آخر أنه قال، وقد رأى الحلاج مصلوبًا: ألم ننهك عن العالمين (٣)؟

قال الخطيب: والذين نفوه من الصُّوفية نسبوه إلى الشَّعبذة في فعله، وإلى الزَّندقة في عقد (٤). قال: وله إلى الآن أصحابٌ ينسبون إليه ويَغْلُون فيه (٥)، وقد كان الحلاج حسن العبارة، حلو المنطق (٦)، وله شِعْر على طريقة التصوف (٧).

قلت: لم يزل النَّاس منذ قُتل الحلاج مختلفين في أمره، فأما الفقهاء فقد حُكي عن غير واحد من الأئمة (٨) اجتماعهم على قتله، وأنه (٩) كان كافرًا ممخرقًا، مموِّهًا مشعبذًا، وكذلك قول أكثر الصُّوفية فيه، ومنهم طائفة - كما تقدَّم - أجملوا القول فيه، وغرَّهم ظاهرُه، ولم يطَّلعوا على باطنه، وكأنه قد


(١) تاريخ بغداد (٨/ ١١٢).
(٢) في (ط) للذي.
(٣) ترجمة الحلاج للسلمي في الأصول الأربعة (١٩) وفي كلمة الشبلي إشارة إلى الآية الكريمة (٧٠) من سورة الحجر: ﴿قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾.
(٤) في (ط) في عقيدته وعقده.
(٥) في (ط) ويغالون فيه ويغلون.
(٦) في (ط) وقد كان الحلاج في عبارته حلو المنطق.
(٧) في (ط) الصوفية. وانظر تاريخ بغداد ٨/ ١١٢، وما في نسخنا المخطوطة يوافق عبارة الخطيب.
(٨) في (ط): من العلماء والأئمة.
(٩) في (ط): وأنه قتل كافرًا، وكان كافرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>