للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة تسع عشرة وأربعمئة]

فيها: وقع بين الجيش وبين جلال الدولة، ونهبوا دار وزيره، وجرت أمورٌ طويلة، آل الحال فيها إلى أنَّهم اتفقوا عنى إخراجه من البلد، فهيئ له زبزب (١) رثّ فخرج وفي يده طَبَرٌ (٢) نهارًا، فجعلوا لا يلتفتون إليه، ولا يُفكِّرون فيه، فلما عزم على الركوب في ذلك الزبزب الرثّ، رثوا له، ورقّوا عليه [ولهيبته]، فجاؤوا إليه وقبّلوا الأرض بين يديه، وانصلحت قضيته بعد فسادها.

وفي هذه السنة قلَّ الرطب جدًّا بسبب هلاك النخل في هذه السنة الماضية بالبَرَد: فبيع الرطب كلُّ ثلاثة أرطال بدينار جلالي، ووقع بَرَد شديد أيضًا، فأهلك شيئًا كثيرًا من النخيل أيضًا.

ولم يحجّ أحد من أهل المشرق ولا من الديار المصريّة في هذه السنة، إلا أن قومًا من خراسان ركبوا في البحر من مدينة مُكْرَان (٣) فانتهوا إلى جدّة فحجّوا، ، ورحمهم بمنِّه وكرمه.

[وممن توفي فيها من الأعيان]

حمزة بن إبراهيم [بن عبد اللَّه] أبو الخطاب المنجّم (٤).

حظي عند بهاء الدولة، وعلّمه النجوم، وكان ذا وجاهة عنده، حتى إنّ الوزير والأمراء كانوا [يخافونه] ويكارمونه، ويراسلونه، ويتوسّلون به إليه في أمورهم ثمّ صار أمره [طريدًا بعيدًا] حتى مات يوم مات بالكرخ من سامراء غريبًا فقيرًا مفلوجًا، قد ذهب ماله وجاهه [وعقله]، لا إله إلا اللَّه وحده.

محمد بن محمد بن محمد (٥) بن إبراهيم بن مَخْلَد أبو الحسن التاجر (٦).

سمع الكثير على المشايخ المتقدِّمين وتفرّد بعلوّ الإسناد، وكان ذا مالٍ جزيلٍ، فخاف من المصادرة ببغداد فانتقل إلى مصر فأقام بها سنة ثمّ عاد إلى بغداد، فاتفق مصادرة أهل محلته. فقسّط عليه ما أفقره، ومات حين مات لم يوجد له كفن [ولم يترك شيئًا، فأرسل له القادر باللَّه ما كُفِّن به].


(١) الزبزب: ضرب من السفن.
(٢) الطَّبَر: الفأس.
(٣) مكران: ولاية بين كرمان من غربيها وسجستان شماليها، والبحر جنوبيها، والهند في شرقيها. معجم البلدان (٥/ ١٧٩).
(٤) المنتظم (٨/ ٣٦)، الكامل في التاريخ (٩/ ٣٦٣).
(٥) سقط هذا الاسم من (ط).
(٦) المنتظم (٨/ ٣٧)، تاريخ بغداد (٣/ ٢٣١)، الكامل في التاريخ (٩/ ٣٧٠)، سير أعلام النبلاء (١٧/ ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>