قال: ورحنا معه إلى بيت ابن عمه على البحر، فبتنا عنده. وقال الشيخ علم الدين البِرزالي: وفي العشر الأوسط من رجب سنة إحدى عشرة وقع أذى في حقّ الشيخ بمصر، وذلك أنّه ظفر به بعض أعدائه ومبغضيه في مكان خالي فأساء عليه الأدب، وحضر جماعة كثيرة من الجند وغيرهم إلى الشيخ لأجل الانتصار له، فلم يجب إلى ذلك، ولو علم السلطان بذلك لأهان من آذاه إهانة بالغة، ولكن كتب إلى المقاتلين يذكر أن ذلك وقع من فقيه بمصر يعرف بالبكري حصل منه إساءة أدب وأمره أن لا يُعلم السلطان بذلك، ثم إنّ البكري طُلبَ فهرب واختفى. ثم مضى إلى بعض الأمراء الكبار، فشفع فيه مع جماعة آخرين من الأمراء، مع أنّ الشيخ ما تكلم فيه ولا اشتكى، ولو حصل منه شكوى لوقع لذلك المؤذي عظيم. بل قال الشيخ: أنا لا أنتصر لنفسي. قال: وقد توفي في غيبة الشيخ عن دمشق جماعة من أصحابه وساداتهم منهم: الشيخ الإمام القدوة العابد العارف المسلك عماد الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الواسطي المعروف بابن شيخ الحزاميّة. توفي يوم السبت سادسَ عشرَ شهر ربيع الآخر من سنة إحدى عثرة وسبعمئة، وكان رجلًا صالحًا ورعًا كبير الشأن، منقطعًا إلى الله، متوفرًا على العبادة والسلوك، وله تصانيف كثيرة في أعمال القلوب وغيرها وقد شرح: "منازل السائرين" في ثلاث مجلدات شرحًا جيدًا، وله رسائل وكتب إلى أصحابه تتضمّن علومًا وفوائد جمَّة، وله رسالة إلى أصحاب الشيخ تقي الدين فيها الوصاة بملازمة الشيخ، والحث على اتباع طريقة الشيخ، وفيها الثناء على علوم الشيخ وأعماله، وذكر فيها: أنَّه قد خالط جميع الطرائق من الفقهاء والفقراء وغيرهم، وسافرت بلادًا كثيرة غربًا وشرقًا ويمنًا ومصر وشامًا، فلم أَرَ تَحْتَ أديم السّماء مثل شيخكم وشيخنا الشيخ الإمام العالم العلّامة تقي الدين بن تيمية، وسأذكر هذه الرسالة إن شاء الله تعالى عند وفاة الشيخ إذا انتهينا إلى ذلك في سنة ثمان وعشرين وسبعمئة - وهذا الفصل لم يذكره المؤلف رحمه الله تعالى.