للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلام الرَّبِّ تعالى مع نوح وسؤاله إياه عن البلاغ

كما قال اللَّه تعالى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦)[الأعراف: ٦].

وقال الإمامُ أحمد: حدّثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، قال: قال رسول اللَّه : "يُدْعَى نوح يومَ القيامة، فيُقال له: هل بَلَّغْتَ؟ فيقول: نعم، فيُدْعى قَومُه، فيُقال: هل بَلَّغَكُمْ؟ فيقولون: ما أتانا مِنْ نذير، أو ما أتانا من أحدٍ، قال: فيُقال لنوح: منْ يشْهدُ لَكَ؟ فيقول: محمد، وأُمَّتُه، وذلك قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣] " قال: "والوَسَطُ: العَدل الخيار"، قال: "فيُدْعَوْن، فيشْهدُون له بالبلاغ" قال: "ثم أشْهدُ عليكم". وهكذا رواه البخاري، والترمذيّ، والنسائيّ، من طرق عن الأعمش، به، وقال الترمذيّ: حسن صحيح (١).

وقد رواه الإمام أحمد، بلفظ أعمَّ من هذا، فقال: حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، قال: قال رسولُ اللَّه : "يَجيءُ النبيُّ يوم القيامة ومعه الرجل، والنبيُّ ومعه الرجلان، وأكثرُ من ذلك، فيدعى قومُه، فيقول لهم: هل بَلّغكم هذا؟ فيقولون: [لا]، فيُقال له: هل بَلّغْتَ قَوْمَك؟ فيقول: نعم، فيُقال له: منْ يَشْهدُ لك؟ فيقول: محمد، وأمّته، فيُدْعى محمد، وأمته، فيُقال لهم: هل بَلّغ هذا قَوْمَه؟ فيقولون: نعم، فيُقال: وما عِلْمُكُم؟ فيقولون: جاءنا نَبيُّنا، وأخبرنا: أنّ الرُّسُل قد بَلَّغُوا" قال: "فذلك قوله ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ " قال: "يقول: عَدْلًا ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣] " وهكذا رواه ابن ماجه عن أبي كُرَيْب، وأحمد بن سِنَان، كلاهما عن أبي معاوية (٢).

قلت: ومضمون هذا أنّ هذه الأمّة يوم القيامة تكون عدولًا عند سائر الأمم والأنبياء، ولهذا يَسْتَشهدُ بهم سائر الأنبياء على أُمَمِهِم، ولولا اعترافُ أممهم بشرف هذه الأمة لما حصل إلزامُهم بشهادتهم.

وفي حديث بَهْز بن حَكِيم، عن أبيه، عن جَدّه معاوية بن حَيْدَةَ، أنّ رسول اللَّه قال: "أنتم تُوَفُّونَ سبْعين أمَّةً أنتم خَيْرُها، وأكرمُها على اللَّه " (٣).


(١) رواه أحمد في المسند (٣/ ٣٢) والبخاري (٤٤٨٧) والترمذي (٢٩٦١) والنسائي في "الكبرى" (١١٠٠٧).
(٢) رواه أحمد في المسند (٣/ ٥٨) وابن ماجه رقم (٤٢٨٤) وهو حديث صحيح.
(٣) رواه أحمد في المسند (٥/ ٣) وإسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>