للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن إسحاق (١): وقال أبو قيس صِرْمةُ بن أبي أنس أيضًا يذكرُ ما أكرمهم اللَّه به من الإسلام، وما خصَّهم به من رسوله : [من الطويل]

ثَوَى في قريشٍ بضعَ عشْرة حِجَّة … يذكِّر لو يَلْقَى صديقًا مُواتيا

ويعرضُ في أهلِ المواسم نفسَه … فلم يرَ من يُؤْوي ولم يَرَ داعيا

فلما أتانا واطمأنَّتْ به النَّوَى (٢) … وأصبح مسرورًا بِطَيْبَةَ راضيا

وألفى صديقًا واطمأنتْ به النَّوَى … وكانَ له عَوْنًا من اللَّه باديا

يقصُّ لنا ما قالَ نوحٌ لقومه … وما قال موسى إذ أجابَ المناديا

فأصبحَ لا يَخْشَى من الناسِ واحدًا … قريبًا ولا يخشى من الناس نائيا (٣)

بذلنا له الأموالَ من حِلِّ مالنا … وأنفُسنا عندَ الوَغَى والتآسيا

نُعادي الذي عادَى من الناس كلِّهم … جميعًا ولو كانَ الحبيبَ المواسيا (٤)

ونعلمُ أنَّ اللَّهَ لا شيء غيره … وأن كتابَ اللَّه أصبحَ هاديا (٥)

أقولُ إذا صلَّيتُ في كلِّ بيعةٍ … حَنانَيْكَ لا تُظْهِرْ علينا الأعاديا

أقول إذا جاوزتُ أرضًا مُخيفةً … تباركتَ اسمَ اللَّه أنتَ المواليا

فَطأْ مُعرضًا إنَّ الحتوفَ كثيرةٌ … وإنك لا تُبقي لنفسك باقيا

فواللَّهِ ما يدري الفتى كيف سعيُهُ … إذا هو لم يجعلْ له اللَّهَ واقيا

ولا تحفلُ النخلُ المعيمةُ ربَّها (٦) … إذا أصبحتْ رَيًّا وأصبحَ ناويا

ذكرها ابنُ إسحاق وغيرُه، ورواها عبد اللَّه بن الزُّبير الحُميدي وغيره، عن سفيان بن عُيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عجوزٍ من الأنصار قالت: رأيتُ عبدَ اللَّه بن عباس يختلفُ إلى صِرْمة بن قيس يروي هذه الأبيات. رواه البيهقي (٧).

[فصل]

وقد شرفت المدينة أيضًا بهجرته إليها، وصارتْ كهفًا لأولياء اللَّه وعباده الصالحين،


(١) في سيرة ابن هشام: (١/ ٥١٢) والروض (٢/ ٢٥٥).
(٢) في السيرة والروض: فلما أتانا أظهر اللَّه دينه. وهو أشبه بالصواب.
(٣) في ح: باغيا.
(٤) في السيرة والروض: المصافيا. وقد قُدّم هذا البيت فيهما على التالي له.
(٥) في السيرة والروض: ونعلم أن اللَّه أفضلُ هاديا.
(٦) في ح: ولا نجعل النحل المقيمة ريها، والمثبت من ط والسيرة.
(٧) في الدلائل (٢/ ٥١٣).