للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة تسع وسبعين وخمسمائة]

في الرابع (١) عشر من محرَّمها تسلَّم السلطان (٢) صلاح الدين مدينة آمد (٣) صلحًا بعد حصار طويل (٤) شديد (٥) من صاحبها ابن نيسان (٦) بعد ما حمل ما أمكنه من حواصله وأمواله وأثقاله مدة ثلاثة أيام. ولما تسلّم السلطان البلد وجد فيه شيئًا كثيرًا من الحواصل وآلات الحرب والسلاح، حتى أنه وجد بُرجًا مملوءًا نصول النشَّاب، وبرجًا آخر فيه مئة ألف شمعة، وأشياء يطول شرحها. ووجد فيه خزانة كتب فيها ألف ألف مجلد (٧) وأربعون (٨) ألف مجلد، فوهبها للقاضي الفاضل، فانتخب منها حمل سبعين حمارة (٩)، ثم وهب السلطان البلد بما فيه لنور الدين محمد بن قرا رسلان، وكان قد وعده بها، فقيل له: فإِن الحواصل لم تدخل في وعدك. فقال: لا أبخل بها عليه، وقد صار من أصحابنا وأنصارنا، وكان في خزانتها ثلاثة آلاف ألف (١٠) دينار، فامتدحه الشعراء على هذا الصنيع الحسن الجميل، [وهو حقيق بالثناء والجزاء الجزيل] (١١)، ومن (١٢) أحسن ما قاله بعضهم في ذلك من جملة قصيدة له في السلطان: [من البسيط]

قُلْ لِلْمُلوكِ تَنَحُّوْا عَنْ مَمَالِكِكُمْ … فَقَدْ أَتَى آخِذُ الدُّنْيا ومُعْطِيها (١٣)

ثم سار السلطان في بقية المحرَّم إِلى مدينة حلب، فنازلها، وحاصرها، وقاتله أهلُها قتالًا


(١) ط: في رابع عشر محرمها.
(٢) ط: السلطان الناصر.
(٣) آمد: أعظم مدن ديار بكر كما في معجم البلدان (آمد)، وتقع ديار بكر اليوم على الحدود السورية التركية من جهة الجزيرة الفراتية.
(٤) ليس في أ.
(٥) عن أ وحدها.
(٦) ط: اللفظة مهملة في أ، وفي ط: ابن بيسان، وفي الروضتين (٢/ ٣٩): ابن تيسان. وما هنا يتوافق مع ما في ابن الأثير (٩/ ١٦١).
(٧) ليس في ب.
(٨) ط: وأربعين.
(٩) أ: جمّازة.
(١٠) ط: في الهبة.
(١١) ليس في ط.
(١٢) ب: وما، ط: ومن أحسن ذلك قول بعضهم.
(١٣) البيت في الروضتين (٢/ ٤٢) منسوبًا إِلى البلغوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>