للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا نائمَ العينِ في أقطارِ (١) جُثْمانِ … أفضْ دموعَكَ يا عَمْرو بن شَيبان

أما ترى الفتية الأرْجَاسَ ما فَعَلُوا … بالهاشميِّ وبالفتحِ بنِ خاقانِ

وافَى إلى اللَّه مظْلومًا فَضَجَّ لهُ … أهْلُ السماواتِ من مثنًى ووحْدَانِ

وسَوْفَ يَأْتِيكُمُ أخْرَى مُسوَّمة … تَوَقَعُوها لَها شَانٌ مِنَ الشَّانِ

فابْكُوا على جَعْفَرٍ وابْكُوا خَلِيفَتَكُمْ … فَقَدْ بَكَاهُ جَمِيعُ الإنْسِ والجانِ (٢)

قال: فأصبحتُ (٣) فأخبرت النَّاسَ، فجاء نعيُه أنَّه قد قُتِلَ في تلك الليلة.

قال: ثم رأيته بعد هذا بشهرٍ وهو واقفٌ بين يدي اللَّه ﷿، فقلْتُ: ما فعل بك ربُّك؟ قال: غفر لي، قلْتُ: بماذا؟ قال: بقليل من السُّنَّةِ أحْيَيْتُها (٤). قلْتُ: فما تصنَعُ هاهنا؟ قال: أنتظر ابني محمّدأ أخاصِمُه إلى اللَّه الحليم العظيم الكريم (٥).

وقد ذكرنا قريبًا كيفيَّة مقتلِه وأن ابنه محمدًا المنتصر مالأ جماعةً من الأمراء على قتله، فقتل في ليلة الأربعاء أوَّل الليل لأربع خَلَتْ من شوال من هذه السنة -أعني سنة سبع وأربعين ومئتين- بالمتوكِّلية (٦) هي الماحوزة، وصُلّي عليه يوم الأربعاء، ودُفِنَ بالجعفري وله من العمر أربعون سنة، وكانت مدة خلافته أربعَ عشرةَ سنةً وعشرة أشهرٍ وثلاثة أيام.

وكان أسمر، حسَنَ العينين، نحيفَ الجسم، خفيفَ العارضين، أقربَ إلى القِصَر.

خلافة محمد بن المنتصر بن المتوكِّل

قد تقدَّم: أنه تمالأ هو وجماعةٌ من الأمراء على قتل أبيه، فحين قُتِلَ الخليفة المتوكّل بُويع له في الليل، فلمَّا كان الصَّباح من يوم الأربعاء رابع شوال، أُخِذَتْ له البيعةُ من العامَّة، وكان أوَّل ما تكلَّم به أن اتَّهَم الفتح بن خاقان على قتل أبيه، وقتله أيضًا.

وبعث إلى أخيه المعتز فأحضره إليه، فبايعه أخوه المعتز، وقد كان وليَّ العهد قبله، ولكن أكرهه فسلَّم وبايع. وبعث البيعة إلى الآفاق.


(١) في ط: في أوطان.
(٢) تاريخ بغداد (٧/ ١٧١).
(٣) في تاريخ بغداد: فأصبحت فإذا الناس يخبرون أن جعفرًا قد قتل في هذه الليلة.
(٤) في تاريخ بغداد: تمسكت بها.
(٥) تاريخ بغداد (٧/ ١٧١).
(٦) "المتوكلية": مدينة بناها المتوكل قرب سامُرّا بنى فيه قصرًا وسماه الجعفري. و"الماحوز": ضرب من الرياحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>