للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيش وأطيبه، مع القهر والغلبة لأهل الأرض قاطبة، ولا سيما في زمن داود وسليمان . وقد مدح اللَّه بعضهم، وأثنى عليه في القرآن. فقال تعالى: ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الأعراف] وقال: ﴿وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ﴾ [الأعراف: ١٦٨] وقال: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا﴾ [مريم: ٥٨] وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (١٦) وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ﴾ [الجاثية: ١٦ - ١٧] وقد ذكرهم اللَّه كثيرًا في القرآن.

وقد رأى النبي سوادًا عظيمًا قد سدَّ الأفق، فظنها أمته، فقيل: هذا موسى وقومه. والآيات والأحاديث في فضل موسى في الدنيا والآخرة كثيرة جدًا.

ذكر عيسى ابن مريم وكلام الرَّبِّ معه يوم القيامة

[قال اللَّه تعالى]: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ. . .﴾ إلى قوله: ﴿الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة: ١١٦ - ١١٨] وهذا السؤال من اللَّه تعالى يوم القيامة لعيسى ابن مَرْيم مع علمه تعالى أنّه لم يَقُلْ شيئًا من ذلك ولا خطر ذلك بنفسه قط، ولا حدثته به نفسه، إنّما هو على سبيل التَّقْريع، والتَّوْبيخ لمن اعتقد فيه ذلك، من ضُلّالِ النَّصارى، وكَفَرَةِ أهْلِ الكِتابِ، فيَتبرَّأُ إلى اللَّه تعالى من هذه المقالة، وممن قالها فيه وفي أمه، كما تتبَرأ الملائكة ممَّن اعتقد فيهم شيئًا من ذلك، كما قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ نحشرهم (١) جَمِيعًا ثُمَّ تقول (١) لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١)[سبأ: ٤٠ - ٤١]. وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ نحشرهم (٢) وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ. . .﴾ إلى قوله ﴿نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا﴾ [الفرقان: ١٧ - ١٩]. وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (٢٨). . .﴾ إلى قوله: ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [يونس: ٢٨ - ٣٠].


(١) هي قراءة ما سوى حفص ويعقوب.
(٢) هي بالنون قراءة نافع، وأبي عمرو، وشعبة عن عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>