للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الأربعاء تاسع صفر حضر مشيخة النَّفيسيَّة الشيخ شمس الدين بن سَنَد (١)، وحضر عند قاضي القضاة تاج الدين (٢) وجماعة من الأعيان، وأورد حديث عبادة بن الصامت "لا صلاة لِمَنْ لَمْ يَقْرأ بفاتحة الكِتَاب" (٣) أسنده عن قاضي القضاة المشار إليه.

وجاء البريد من الديار المصرية بطلب قاضي القضاة تاج الدين إلى هناك؛ فسيَّر أهله قبله على الجمال، وخرجوا يوم الجمعة حادي عشر ربيع الأول جماعة من أهل بيتهم لزيارة أهاليهم هناك، فأقام هو بعدهم إلى أن قدم نائب السلطنة من الرّحبة وركب على البريد. وفي يوم الإثنين خامس عشر جمادى الآخرة رجع قاضي القضاة تاج الدين السبكي من الديار المصرية على البريد وتلقَّاه الناس إلى أثناء الطريق، واحتفلوا للسَّلام عليه وتهنئته بالسلامة انتهى. واللَّه أعلم.

[قتل الرافضي الخبيث]

وفي يوم الخميس سابع عشره أول النهار وجد رجل بالجامع الأموي اسمه محمود بن إبراهيم الشِّيرازي، وهو يسبُّ الشيخين ويصزح بلعنتهما، فرُفع إلى القاضي المالكي قاضي القضاة جمال الدين المسلَّاتي فاستتابه عن ذلك، وأُحضر الضُّرَّاب، فأوَّل ضربة قال: لا إله إلا اللَّه، علي ولي اللَّه، ولما ضُرب الثّانية لعن أبا بكر وعمر، فالتهمه العامّة فأوسعوه ضربًا مبرحًا بحيث كاد يهلك، فجعل القاضي يستكفُّهم عنه فلم يستطع ذلك، فجعل الرَّافض يسب ويلعن الصَّحابة، وقال: كانوا على الضَّلال؛ فعند ذلك حُمل إلى نائب السلطنة، وشهد عليه قوله بأنَّهم كانوا على الضلالة، فعند ذلك حكم عليه القاضي بإراقة دمه، فأخذ إلى ظاهر البلد فضربت عنقه وأحرقته العامة قبَّحه اللَّه، وكان ممَّن يقرأ بمدرسة أبي عُمَر، ثم ظهر عليه الرَّفض فسجنه الحنبلي أربعين يومًا، فلم ينفع ذلك، وما زال يصرِّحُ في كل موطن يمرُّ (٤) فسِه بالسبِّ حتَّى كان يومه هذا، أظهر مذهبه في الجامع، وكان سببَ قتله قبّحه اللَّه كما قبّح من كان قبله، وقُتل بقتله في سنة خمسٍ وخمسين (٥).


(١) هو: الحافظ الواعظ الشمس محمد بن موسى بن محمد بن سند اللخمي الدمشقي. مات سنة (٧٩٢) هـ. الذيل التام (١/ ٣٥٨).
(٢) هو: عبد الوهاب السُّبكي.
(٣) رواه البخاري رقم (٧٥٦) في صفة الصلاة، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلّها.
ورواه مسلم أيضًا رقم (٣٩٤) في الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة. من حديث عبادة بن الصامت .
(٤) في ط: يأمر.
(٥) وهو: علي بن أبي الفضل بن محمد بن حسين، قتل سنة (٧٥٥) هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>