فالضميرُ في قوله: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ﴾ عائدٌ على إبراهيم على المشهور، ولوطٌ وإن كان ابنَ أخيه، إلا أنَّه دخلَ في الذريَّة تغليبًا، وهذا هو الحاملُ للقائل الآخر: إن الضميرَ على نوحٍ كما قدَّمنا في قصته، واللّه أعلم.
فكلُّ كتاب أُنزل من السماء على نبيٍّ من الأنبياء بعد إبراهيم الخليل فمن ذريته وشيعته. وهذه خِلْعةٌ سنيَّة لا تُضاهى، ومرتبةٌ عليَّةٌ لا تُباهى. وذلك أنَّه وُلدَ له لصُلبِهِ ولدان ذكران عظيمان: إسماعيل من هاجر، ثم إسحاق من سارَة، ووُلد لهذا يعقوبُ، وهو إسرائيل الذي ينتسبُ إليه سائرُ أسباطِهم، فكانت فيهم النبوة، وكثروا جدًا بحيث لا يعلمُ عددَهم إلا الذي بعثهم، واختصَّهم بالرسالة والنبوة حتى خُتِمُوا بعيسى ابن مريم من بني إسرائيل.
وأما إسماعيل ﵇، فكانت منه العرب على اختلاف قبائلها، كما سنبيِّنه فيما بعد إن شاء اللّه تعالى، ولم يُوجد من سُلالتِه من الأنبياء سوى خاتَمهم على الإطلاق وسيدهم، وفخر بني آدمَ في الدنيا والآخرة محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب بن هاشم القرشيّ الهاشميّ المكي، ثم المدني صلوات اللّه وسلامه عليه، فلم يُوجد من هذا الفرع الشريف والغُصْن المنيف سوى هذه الجوهرة الباهرة والدُّرَّة الزاهرة، وواسطة العقد الفاخرة، وهو السَّيِّد الذي يفتخرُ به أهلُ الجمع، ويغبطُه الأَوَّلون والآخرون يوم القيامة.