للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر ابن إسحاق هاهنا (١) أشعارًا للعرب فيما وقع من هذه الكائنة الغريبة، وفيها فصاحة وحلاوة وبلاغة وطلاوة، ولكن تركنا إيرادها خشية الإطالة، وخوف الملالة. وبالله المستعان.

* * *

ذكر خروج أبرهة الأشرم على أرياط واختلافهما، واقتتالهما، وصيرورة ملك اليمن إلى أبرهة بعد قتله أرياط (٢)

قال ابن إسحاق (٣): فأقام أرياط بأرض اليمن سنين (٤) في سلطانه ذلك، ثمّ نازعه أبرهة حتى تفرقت الحبشة بينهما (٥). فانحاز إلى كل منهما طائفةٌ، ثم (٦) سار أحدهما إلى الآخر. فلما تقارب الناس أرسل أبرهة إلى أرياط إنك لا تصنع (٧) بأن تلقى الحبشةُ بعضُها ببعض حتى تفنيها شيئًا شيئًا (٨)، فابرُزْ لي وأبرُزُ لك، فأيّنا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده، فأرسل إليه أرياط: أنصفتَ. فخرج إليه أبرهة وكان رجلًا قصيرًا لحِيمًا (٩) وكان ذا دين في النصرانية، وخرج إليه أرياط، وكان رجلًا جميلًا عظيمًا طويلًا وفي يده حَربةٌ له، وخلف أبرهة غلام يقال له: عَتَوْدَة يمنع ظهرَه، فرفع أرياط الحربة فضرب أبرهة يريد يافوخَه، فوقعت الحربة على جبهة أبرهة فشرمت حاجبه وعينه وأنفه (١٠) وشفته، فبذلك سُمي أبرهة الأشرم. وحمل عَتَودة على أرياط من خلف أبرهة فقتله، وانصرف جند أرياط إلى (١١) أبرهة. فاجتمعت عليه الحبشة باليمن، وَوَدَى (١٢) أبرهةُ أرياطَ. فلما بلغ ذلك النجاشي [ملك الحبشة الذي بعثهم إلى اليمن] (١٣) غضب غضبًا شديدًا على أبرهة، وقال: عَدَا عَلَى أميري فقتله بغير أمري، ثمّ حَلَف


(١) السيرة (١/ ٣٨) وما بعدها.
(٢) نقص العنوان في ط عما هاهنا، وهو ثمة: خروج أبرهة الأشرم على أرياط واختلافهما. قال ابن إسحاق ..
(٣) السيرة (١/ ٤١). وانظر تاريخ الطبري (٢/ ١٢٨).
(٤) كذا في ب وط. وهو موافق لنص السيرة. وفي أ: سنتين.
(٥) في ط: عليهما. وكذلك في السيرة.
(٦) في ب: إلى كل واحد منهما أناس منهم ثم.
(٧) في ط: لن تضيع.
(٨) في ب: بشيء.
(٩) اللحيم: الكثير لحم الجسد.
(١٠) في ب: أنفه وعينه.
(١١) في أ: على.
(١٢) في ب: ووارى. ووداه: دفع ديته.
(١٣) سقطت من ب.