للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوسف بن محمد بن يوسف بن الحسن (١) أبو القاسم الهَمَذاني، سمع وجمع وصنّف، وانتشرت عنه الرواية وكان موته في هذه السنة، وقد قارب التسعين، رحمه اللَّه تعالى.

[ثم دخلت سنة تسع وستين وأربعمئة]

فيها: كان ابتداء عمارة قلعة دمشق، وذلك أن الملك المعظم أتسِز بن أوق (٢) الخُوارزمي، لما انتزع دمشق من أيدي العُبَيديين في السنة الماضية، شرع في بناء هذا الحصن المنيع بدمشق في هذه السنة، وكان مكان القلعة اليوم أحد أبواب البلد، باب يعرف بباب الحديد، وهو الباب المقابل لدار رضوان منها اليوم، داخل البركة البرانيّة منها، وقد أسسها وارتفع بعض أبرجتها فلم تتكامل حتى انتزع مُلْك البلد منه الملك المظفّر تاج الملوك تتش بن ألْب آرْسلان السلجوقي فأكملها وأحسن عمارتها، وابتنى بها دار رضوان للملك، واستمرت على ذلك البناء في أيام نور الدين محمود بن زنكي، فلما كان الملك صلاح الدين يوسف بن أيوب جدّد فيها شيئًا، وابتنى له نائبه ابن مقدم فيها دارًا هائلة للمملكة، ثم إن الملك العادل أخا صلاح الدين، اقتسم هو وأولاده أبرجتها، فبنى كل ملك منهم برجًا منها جدده وعلَّاه، ووطده، وأكده. ثمّ جدّد الملك الظاهر بيبرس منها البرج الغربيّ القبلي، ثمّ ابتنى بعده في دولة الملك الأشرف خليل بن المنصور، نائبه الشجاعي، الطارقة الشمالية الغربية، والقبّة الزرقاء وما حولها (٣).

وفي المحرم، مرض الخليفة مرضًا شديدًا، فأرجف الناس بموته، فركب حتى رآه الناس جهرة فسكنوا.

وفي جمادى الآخرة زادت دجلة زيادة كثيرة جدًّا، إحدى وعشرين ذراعًا ونصفًا، فنقل الناس أموالهم، وخيف على دار الخلافة، فنُقل تابوت القائم بأمر اللَّه، ليلًا إلى التربة بالرُّصافة.

وفي شوّال وقعت الفتنة بين الحنابلة والأشعريّة، وذلك أنَّ ابن القشيري (٤) قدم بغداد، فجلس يتكلّم


(١) المنتظم (٨/ ٣٠٤)، سير أعلام النبلاء (١٨/ ٣٤٨)، شذرات الذهب (٣/ ٣٣١). وتصحفت في (ط) الهمذاني إلى الهمداني، بالدال المهملة.
(٢) في (ط): "أوف" وهو تحريف، وما هنا من (ب) وتاريخ ابن الأثير وتاريخ الإسلام، والوافي وغيرها ويقال فيه: "أبق" أيضًا (بشار).
(٣) من قوله: فيها كان ابتداء عمارة قلعة دمشق. . إلى هنا زيادة من (ب) و (ط).
(٤) هو الإمام أبو نصر عبد الرحيم بن الإمام عبد الكريم بن هوازن القشيري، النحويّ، المتكلّم، وهو الولد الرابع من أولاد الشيخ، مبالغ في التعصب للأشاعرة، وقد أورد له السبكي في طبقاته (٧/ ١٦٣) شعرًا يقول فيه:
شيئان مَن يعذُلُني فيهما … فهو على التحقيق منّي بري
حبُّ أبي بكر إمام التقى … ثمّ اعتقادي مذهب الأشعري
توفي سنة ٥١٤ هـ وستأتي ترجمته في وفيات السنة المذكورة من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>