للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانتْ قبل الإسراء تكون ركعتين، ثم لما فُرِضتِ الخمس فُرضت حَضَرًا على ما هي عليه، ورُخِّص في السفر أنْ يصلي ركعتين كما كان الأمر عليه قديمًا، وعلى هذا لا يَبْقَى إشكال بالكليَّة. والله أعلم.

فصل انشقاق القمر في زمان النبيِّ -

وجعل الله آية على صدقِ رسولِ الله فيما جاء به من الهُدَى ودينِ الحق حيث كان وَفْقَ إشارته الكريمه (١)، قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ﴾ [القمر: ١ - ٣] وقد أجمع المسلمون على وقوع ذلك في زمنه ، وجاءَتْ بذلك الأحاديثُ المتواترة، من طُرقٍ متعدِّدة، تفيد القَطْعَ عند مَنْ أحاط بها ونظر فيها. ونحن نذكرُ من ذلك ما تيسَّر إنْ شاء الله، وبه الثقةُ وعليه التكلان. وقد استقصَيْنا (٢) ذلك في كتابنا التفسير فذكرنا الطُّرقَ والألفاظ محرَّرةً، ونحن نشير هاهنا إلى أطرافٍ من طُرقها ونعزوها إلى الكتب المشهورة بحول الله وقوته. وذلك مَرْويٌّ عن أنس بن مالك، وجُبير بن مطعم، وحُذيفة، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود أجمعين.

أما أنس فقال الإمام أحمد (٣): حدَّثنا عبدُ الرزاق، حدَّثنا معمر، عن [الزهري، عن] قتادة، عن أنس بن مالك قال: سألَ أهلُ مكةَ النبيَّ آية، فانشقَّ القمرُ بمكةَ مرَّتَيْن. فقال: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾.

ورواه مسلم (٤) عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق به. وهذا من مرسلاتِ الصحابة؛ والظاهر أنه تلقَّاه عن الجمِّ الغفير من الصحابة، أو عن النبيِّ ، أو عن الجميع.

وقد روى البخاري ومسلم (٥) هذا الحديث من طريق شَيْبان؟ زاد البخاري: وسعيد بن أبي عَروبة، وزاد مسلم (٦): وشعبة، ثلاثتهم، عن قتادة، عن أنس: أنَّ أهلَ مكة سألوا رسولَ الله أنْ يُريَهُمْ آيةً، فأراهُم القمرَ شِقَّتَيْنِ، حتى رأوْا حِرَاء بينهما. لفظ البخاري (٧).


(١) في ط: كان ذلك وقت إشارته الكريمة، والمثبت من ح.
(٢) في ط: تقصينا.
(٣) في المسند (٣/ ١٦٥) رقم (١٢٦٢٤) وما يأتي بين معقوفين منه.
(٤) في صحيحه (٢٨٠٢) (٤٦) صفات المنافقين وأحكامهم باب انشقاق القمر.
(٥) فتح الباري (٣٦٣٧) المناقب باب سؤال المشركين أن يريهم النبي آية. ورواية مسلم هي المشار إليها في الحاشية السابقة.
(٦) هي رقم (٢٨٠٢) (٤٧) من الكتاب والباب المشار إليه في الحاشية (٤).
(٧) هذا اللفظ في الفتح (٣٨٦٨) مناقب الأنصار باب انشقاق القمر. قال ابن حجر في قوله: حتى يروا حراء بينهما: أي: بين الفرقتين.