للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقُلْ تُسْمَعْ، وسَل تُعْطَ، واشفعْ تُشفَّع، فأَرْفَع [رَأْسِي]، فأَحْمدُ رَبَّي بِمحامد وثَناءٍ وَتَحْميدٍ يُعَلِّمُنيهِ، ثُمَّ أشْفَع فيحُدُّ لي حَدًّا فأخرجهم، فأُدْخِلُهُم الجنَّةَ - قال هَمَّامٌ: وَسَمعْتُهُ يَقُولُ: "فأُخْرجُهُمْ منَ النَّارِ فأُدْخِلُهُم الْجنَّةَ - فما يبقى في النار إلَّا منْ حَبَسهُ القُرآنُ" أيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ، ثمَّ تَلا قَتادَةُ ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩]، قال: هو المقامُ المحْمودُ الّذي وَعَدَ اللهُ ﷿ نبَّيَّه .

وقد رواه البخاريّ في كتاب التوحيد مُعَلّقًا، فقال: وقال حجَّاجُ بنُ مِنْهالٍ، عنْ هَمامٍ … ، فذكره بنحوه (١).

طرق أُخْرى متعددِّة عنه

قال البخاريُّ في كتاب التوحيد: حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ، حدّثنا حمَّادُ بنُ زَيْدِ، حدّثنا مَعْبَد بنُ هِلال (٢) العَنَزيّ، قال: اجْتَمَعْنا نَاسٌ من أهْلِ البَصْرَةِ، فَذَهَبْنا إلى أنسِ بنِ مَالِكٍ، وَذهبنا مَعَنا ثَابتٌ البُنَانيّ يَسألُهُ لَنا عنْ حَديثِ الشَّفَاعةِ، فإذَا هُوَ في قَصْرِهِ، فَوَافقْنَاهُ يُصَلي الضُّحَى، فاسْتأذَنَّا، فأذِنَ لَنا وهُوَ قَاعدٌ على فِرَاشِهِ، فَقُلْنا لِثَابتٍ: لا تَسْألْهُ عنْ شَيءٍ أوَّلَ مِن حَديث الشَّفَاعةِ، فقال: يا أبا حَمْزةَ، هَؤلاء إخْوانُكَ منْ أهْلِ البَصْرَةِ جَاؤوا يَسْألُونكَ عنْ حَديثِ الشَّفَاعَةِ.

فقال: حدّثنا محمد ، قال: "إذا كَانَ يَوْمُ القِيَامةِ مَاجَ الناسُ بَعْضُهُمْ في بَعْضٍ، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: اشْفَعْ لَنا إلى رَبِّكَ، فيَقُولُ: لَسْتُ لَها، وَلَكنْ [عَلَيْكُم] بإبرَاهيمَ، [فإنَّهُ خَليلُ الرَّحمَنِ]، فيَأتُونَ إبرَاهيمَ، فيَقُولُ: لَسْتُ لها، وَلَكنْ عَلَيْكُمْ بمُوسَى، [فإنَّهُ كَليمُ اللهِ]، فيَأتُونَ مُوسَى، فيَقُولُ: لَسْتُ لَها، ولَكنْ عَلَيْكمْ بعِيسَى، [فإنَّهُ رُوحُ اللهِ وكَلِمتُه]، فيَأتونَ عِيسى، فيقُولُ: لَسْتُ لَها، ولَكنْ عَلَيْكُمْ بمُحمَّدٍ فيأتوني، فأقول: أنا لها، فأسْتأذنُ على رَبِّي فيُؤْذنُ لي، ويُلْهمُني مَحَامِد أحْمدُهُ بها، لا تَحْضُرني الآنَ، فأحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِد، وَأخِرُّ لَهُ سَاجدًا، فيُقالُ: يا مُحمَّد، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ يُسْمَع [لك]، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، فأقول: يا رَبِّ، أُمَّتي أُمَّتي، فيُقالُ: انْطَلِقْ فأخْرِجْ مِنْها منْ كان في قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرةٍ منْ إيمانٍ، فأنْطَلِقُ، فأفْعل، ثُمَّ أعُودُ فأحْمَدُهُ بِتِلْكَ المحَامِدِ، ثُمَّ أخِرُّ لَهُ سَاجداً، فيُقالُ: يا مُحمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَك، وَقُلْ يُسمع لك، وَاشْفَعْ تُشفَّعْ، وسَلْ تُعْطَهْ، فأقول: يا رَبِّ، أُمَّتي أُمَّتي، فيُقالُ: انْطلِقْ، فأخْرِجْ منْها منْ كانَ في قَلْبِهِ


(١) رواه أحمد في المسند (٣/ ٢٤٤) والبخاري معلقًا رقم (٧٤٤٠) وهو حديث صحيح.
(٢) في (آ) حدثنا حماد بن زيد، حدّثنا سعيد بن هلال، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>