للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له ما وعده الصّدّيق، وكان أولَ من وليها من المسلمين. المشهور أنه مات في طاعون عَمَواس كما تقدم. وزعم الوليد بن مسلم أنه توفي سنة تسع عشرة بعد ما فتح قيسارية. ولما مات كان قد استخلف أخاه معاوية على دمشق فأمضى عمر بن الخطاب له ذلك . وليس له في الكتب شيء، وقد روى عنه أبو عبد الله الأشعري أن رسول الله قال: "مثلُ الذي يُصلِّي ولا يُتمُّ ركوعَهُ ولا سجوده مثلُ الجائعِ الذي لا يأكلُ إلا التمرةَ والتمرتين لا يغنيان عنه شيئًا" (١).

أبو جَنْدل بن سُهَيْل (٢) بن عمرو، وقيل اسمه العاص: أسلم قديمًا، وقد جاء يوم صلح الحديبية مسلمًا يرسف في قيوده لأنّه كان قد استضعف فردّه أبوه وأبى أن يصالح حتى يُردّ، ثم لحق أبو جندل بأبي بَصير (٣) إلى سِيف البحر (٤)، ثم هاجر إلى المدينة وشهد فتح الشام. وقد تقدم أنه تأول آية الخمر ثم رجع (٥)، ومات بطاعون عَمَواس ورضي عنه.

أبو عبيدة بن الجراح هو عامر بن عبد الله تقدم.

أبو مالك الأشعري (٦)، قيل اسمه كعب بن عاصم، قدم مهاجرًا سنة خيبر مع أصحاب السفينة، وشهد ما بعدها، واستُشهد بالطاعون عام عَمَواس هو وأبو عبيدة ومعاذ في يوم واحد أجمعين.

[ثم دخلت سنة تسع عشرة]

قال الواقدي وغيره: كان فتحُ المدائن وجلولاء فيها. والمشهوِرُ خلافُ ما قال كما تقدَّم. وقال محمد بن إسحاق: كان فتحُ الجزيرة والرُّها وحَرّان ورأس العين ونَصيبين في هذه السنة. وقد خالفه غيره (٧). وقال أبو معشر وخليفة (٨) وابن الكلبي: كان فتح قَيْسَارِيّة في هذه السنة وأميرُها معاويةُ. وقال غيره يزيد بن أبي سفيان. وقد تقدّم أن معاوية افتتحها قبل هذا بسنتين. وقال محمد بن إسحاق: كان


(١) أخرجه البخاري في تاريخه الكبير (٤/ ٢٤٧ - ٢٤٨)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٦٥/ ٢٣٩)، ورواه الطبراني في الكبير (٤/ ٣٨٤٠) وأبو يعلى الموصلي، رقم (٧١٨٤) وابن خزيمة في صحيحه رقم (٦٦٥) وغيرهم، فهو حديث حسن.
(٢) ترجمة - أبي جندل - في الطبقات الكبرى (٧/ ٤٠٥) والاستيعاب (٤/ ١٦٢١) وجامع الأصول (١٣/ ٢٧٣) وأسد الغابة (٦/ ٥٤ - ٥٦) وسير أعلام النبلاء (١/ ١٩٢) والإصابة (٤/ ٣٤).
(٣) في أ: نصير، وهو تحريف.
(٤) قصة إسلامه مشهورة ذكرها البخاري في صحيحه رقم (٢٧٠٠) في الصلح، وقد أوردها المصنف مطولة في السيرة.
(٥) تقدم الخبر صفحة ١٤٨ من هذا الجزء.
(٦) ترجمة - أبي مالك الأشعري - في الطبقات الكبرى (٤/ ٣٥٨) والاستيعاب (٣/ ١٣٢١) وجامع الأصول (١٥/ ١١١) وأسد الغابة (٤/ ٤٧٠) والإصابة (٣/ ٢٩٣).
(٧) قال الطبري في تاريخه (٤/ ١٠٢) بعد ذكره الخبرين: وقد ذكرنا قول من خالفهم في ذلك قبل.
(٨) تاريخ خليفة (ص ١٤١).