للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا بَنيَّ التُّخُومَ لا تَجْزِلوها … إن جَزْلَ التُّخومِ ذو عُقَّال (١)

يا بنيَّ الأيامَ لا تأمنوها … واحذَروا مَكرها ومَرَّ الليالي

واعلموا أنَّ مُرَّها لنِفادِ الْـ … خلْقِ ما كان في جديدٍ وبال

واجمعوا أمرَكم على البرِّ والتَّقْـ … ــــــوى وتَرْكِ الخَنا وأخذِ الحلال

قال ابن إسحاق (٢): وقال أبو قيس صرمة (٣) أيضًا يذكرُ ما أكرمهم الله به من الإسلام، وما خصَّهم به من نزول رسول الله عندهم [من الطويل]

ثوى في قريشٍ بضعَ عشرةَ حجَّةً … يُذكِّر لو يَلقى صَديقًا مُواتيا

وسيأتي ذِكرها بتمامها فيما بعد إنْ شاء الله وبه الثقة.

قصة بيعة العقبة الثانية (٤)

قال ابن إسحاق (٥): ثم إنَّ مصعب بن عُمير رجع إلى مكة، وخرج مَنْ خرج من الأنصار من المسلمين مع حُجَّاج قومهم من أهل الشَّرك حتى قدموا مكة فواعدوا رسولَ الله العقبةَ من أوسط أيام التشريق حين أراد الله بهم [ما أراد] من كرامته، والنَّصر لنبيِّه، وإعزاز الإسلام وأهله [وإذلال الشِّرك وأهله].

فحدِّثني معبد بن كعب بن مالك أنَّ أخاه عبد الله بن كعب - وكان من أعلم الأنصار - حدَّثه أنَّ أباه كعبًا حدَّثه - وكان ممن شهد العقبة وبايع رسولَ الله بها - قال: خرجنا في حُجَّاج قومنا من المشركين، وقد صلَّينا وفقهنا ومعنا البراءُ بن معرور سيِّدُنا وكبيرُنا، فلما وجَّهنا لسفرنا، وخرجْنا من المدينة قال البراء: يا هؤلاء، إني قد رأيتُ رأيًا، والله ما أدري أتوافقونني عليه أم لا؟ قلنا: وما ذاك؟ قال: قد رأيتُ أن لا أدعَ هذه البنيَّة مني بظَهْر - يعني الكعبة - وأنْ أصلِّي إليها. قال: فقلنا والله ما بلغنا أن نبيَّنا يصلِّي إلا إلى الشام، وما نريد أن نخالفه. فقال: إنِّي لمصلٍّ إليها، قال: فقلنا له: لكنَّا لا نفعل. قال: فكنا إذا حضرتِ الصلاةُ صلَّينا إلى الشام وصلَّى هو إلى الكعبة، حتى قدمنا مكة. قال وقد كنَّا عبنا


(١) "التخوم": حدود البلاد والقرى، والعقال: ما يمنع الرِّجْلَ من المشي ويعقلها. يريد أن الظُّلم يخلف صاحبه ويعقله عن السباق، ويحبسه في مضايق الاحتقاق. الروض (٢/ ٢٨٨) وفي السيرة والروض: لا تخزلوها … خزل. بالخاء المعجمة، ومعناه: لا تقطعوها، وكلا الروايتين بمعنى.
(٢) في سيرة ابن هشام (١/ ٥١٢) والروض (٢/ ٢٥٥).
(٣) سقطت هذه اللفظة من ح وهي في ط وسيرة ابن هشام. ولعل سقوطها من ح عن عمد لتوافق سياق الأبيات لأبي قيس بن الأسلت. كما تقدم في الصفحة السابقة.
(٤) سقطت هذه اللفظة من ح.
(٥) في سيرة ابن هشام (١/ ٤٣٨) والروض (٢/ ١٨٧) وما يأتي بين معقوفين منهما.